ولما وصل أرجاء الحضرة المراكشية أمر والده الجيوش والأعيان للخروج لملاقاته، وكان يوم دخوله من الأيام المشهودة، وكانت مدة غيبته في هذه الحركة عشرة أشهر.
وبعد مقدمه بأيام قلائل نهض والده من مراكش ووجهته الديار الغربية لتفقد أحوال الرعية بها، فاستخلف المترجم بالعاصمة المراكشية فكان في ذلك إعطاء القوس باريها، وأبان صاحب الترجمة في ولايته عن كفاءته وحسن تدبيره وقيامه بالإدارة فيما أسند إليه النظر فيه من أمور النواحى الحورية، وربما كان يقابله بالشدة في موضع اللين والإعراض في محل الإقبال، إيقاظا له وإنهاضا لهمته وعروجا به عن الوقوف دون ما يراد به، وربما كان يعاتبه أشد عتاب ولسان حاله يقول:
أدعو عليك وقلبى ... يقول يارب لا لا
وكان عامل حاجة ولد أبهى ظهر له من السلطان سيدى محمد قبول وإقبال حمله على التصريح بأنه المعتمد في تلك الجهات الحوزية، وأنه لا دخول له تحت ولاية وخلافة المترجم، فكان من قدر الله أن قامت عليه إيالته، ومدت يد النهب والتخريب إلى داره حتى اضطر إلى الاستنجاد بصاحب الترجمة فأنجده حتى أفلت، وقدم على السلطان سيدى محمد لفاس وجعل يلوح إلى أن ما حل به هو بتدبير المترجم، فلم يلق السلطان إليه بالا لتمكن مكانة ولده لديه، بل وجه العامل المذكور مستخدما في حنطة أصحاب الفراش المعينين لصاحب الترجمة.
وكان باشا مراكش القائد أحمد بن داود يستشعر من الأثرة والثقة لدى السلطان ما أداه إلى عدم المبالاة بالخليفة المترجم، فقضى الله عليه، أن خرج عنه أهل مراكش وهمّوا بقتله ونهب داره، ونصبوا أحد أولاد ابن عامر بمحله فقام المترجم بنصرته والذب عن نفسه وداره.