ولما حل السلطان بعاصمة مراكش وفرغ من مقابلة وفود التهنئة بسلامة القدوم، وانسلخ شهر رمضان، وانتهت حفلة إقامة سنة عيد الفطر، أمر جميع الواردين عَلَى عَلِى جنابه من العمال والقبائل وأعيان الرعية بالإقامة لحضور وليمة عرس فلذة كبده وقرة عينه وخليفته ولده المترجم، ثم أقام لذلك أفراحا وولائم أفيضت فيها أنواع الإكرام الضافية على سائر الطبقات، ووسع فيها على الأرامل والأيتام والضعفاء.
وكان ابتداء الشروع في تلك الأفراح في واحد وعشرين من شوال عام أربعة وثمانين ومائتين وألف، وتفيأ بظلالها الظليلة جمع غفير من الأشراف والموالى، واندمجت أعراسهم في سلك متسع أكنافها، وزينت لاتخاذ تلك الولائم حدائق أجدال، وزينت بساتينه وفرشت بالزرابى المبثوثة، والنمارق المصفوفة، وأبيحت للدخول، فأتى الناس إليها أفواجا، ورتبت المراتب في الجلوس، وانضاف كل جنس إلى جنسه وامتدت أفراح تلك الوليمة سبعة أيام بلياليها.
ثم في الخامس عشر من ربيع النبوى سنة تسع وثمانين ومائتين وألف عقد له والده على راية أخرى، وأمره بالتوجه لناحية قبائل تادلا والشاوية فنهض في اليوم المذكور وسار إلى أن خيم بالمحل المشهور بصخرة الدجاجة وأقام ثم نحوا من ستة أشهر.
وبعد استيفاء الغرض المقصود من تلك المأمورية وتوطيد الأمن وحسم مادة البغى والعدوان بتلك الجهات، أمره والده بالنهوض واللحوق به بالمحل المعروف بطالع كرماط، ولما لحقت جنوده بجنود والده وقص عليه جميع ما راج في رحلته المذكورة سُرّ واستبشر، ودعا له بمزيد التوفيق والتسديد، وأمره بالتوجه للحضره المراكشية فسمع وأطاع، ونهض والسعادة تقدمه.
واقتفى أثره والده فصار كلما رحل المترجم من محل نزل به والده إلى أن