نزل الجيشان على رأس الغابة بين قبائل زعير وأولاد محمد من الشاوية، ثم نهضا إلى المحل المعروف بالكيسان، ثم إلى محل تخييم المترجم أولا، وذلك ما قدمنا من تقدم المترجم في جنوده أمام والده.
وفى يوم الجمعة ثالث جمادى الثانية من العام ثارت فتنة بين أهل مراكش وعاملهم أبى العباس بن داود المذكور، بسبب مد أصحابه يد العداء في بعض الخرازين، فقام الدباغون في وجه الشرطيين وكثر الهرج والمرج، واتقدت نيران الفتن بينهما واجتمع الغوغاء ومن في قلبه مرض من طاعة المخزن وانضم إلى صعاليك الدباغين، واجتمع الأعيان والعلماء وأهل المروءة والفضل للمفاوضة في كيفية التوصل لتسكين الهيعة وتطمين البلاد، وتخيروا وجه الخلاص ثم توجهوا بأجمعهم لأبواب القصور السلطانية لاستشارة من بالمنشية من العمال والخلائف لغيبة السلطان وخليفته المترجم، فاتفق رأيهم بعد أخْذِ وَرَدّ على أن تلك الفتنة لا تنحسم مادتها إلا بإلزام العامل المكث بقعر بيته وعدم العود للمداخلة في شئ من الأشياء إلى أن يقدم السلطان.
ولما اتصل هذا الخبر بالأمير ساءه وأسره في نفسه وتمادى على ما هو بصدده من رتق ما انفتق من أمور الرعية وتأديب من يستحق التأديب ممن عتا وسعى في الأرض الفساد مثل بنى محمد وبنى زمور.
ولما مهد البلاد، وكسر شوكة أهل العناد، نهضت المحلتان لدار ولد الراضى ثم للوادى المعروف بالزم ثم لعين القصب بابى جعد وخيمتا هنالك نحوا من خمسة عشر يوما، ثم رحلتا لقصبة تادلة بآيت الربع ثم للزيدانية ثم لبنى موسى ثم لوادى داى ثم دار بوزكرى العميرى فدار القائد الغزوانى ببنى موسى ثم لوادى العبيد فالدشرة فتاستاوت فالقاطر قرب أولاد محمد الصغير بالسراغنة فتملالت فزواية ابن ساسى بشاطئى وادى تنسيفت، وذلك يوم السبت متم شعبان العام