للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجلاف بأقدامها، فحمله بعض من عرفه وأخرجه من الباب الضيقة المقابلة للحوانيت خوفا عليه، وذهب به إليه، إلى أن أوصله لحومة جرنيز، ولم يزل معه إلى أن أفاق من إغمائه، وتيقن أن هذا الخرق لا سبيل لرتقه، هذا كله وبنيس المذكور مختف بحمام ابن عباد بحومة القطانين حيث صادفه الحال يغتسل هنالك.

ولما اتصل بالخليفة السلطانى بفاس مولانا إسماعيل وهو بفاس الجديد، خبر هذه الفتنة المدلهمة، أرسل الباشا الحاج سعيد لإطفاء تلك النيران الموقدة، ويأتيه بالخبر اليقين، والسبب الداعى لإيقاد نيران هذه الفتن ليطير الإعلام بحقيقة الواقع لصاحب الترجمة، وعززه بلفيف من الجند المخزنى، فتوجه ودخل الدار بمن معه من أهل النجدة فلم يعبأ به أحد، ولم يرفع إليه رأس، ولما رأى أنه لا طاقة له بكف أذاهم رجع من حيث أتى ناجيا بنفسه.

ولما وقع الإتيان على ما كان بالدار من الأثاث والأمتعة بل حتى أوانى الخليع والسمن والزيت والدقيق وما أشبه ذلك، أتى عامل البلد الباشا إدريس السراج المذكور راكبا على بغلته، ولما وصل الدار ورام كف أولئك المتمردين باللين في القول لم يبال أحد بمقاله، وأعرضوا عنه إعراضا كليا، وتمادوا على فعلهم الذميم، ورجع الباشا وأعلم الخليفة بما شاهد.

ثم إن أولئك الأوباش لم يكتفوا بنهب الدار التي بالقطانين، بل عمدوا حتى للعرصة التي له بالدوح ونهبوا جميع ما بها، بل أزالوا حتى الأبواب والسراجب وجوائز السقف وخربوها وتركوها بلاقع في أقرب الأوقات وأقصرها.

ولما تم نهب الدارين، وهدأت الأصوات وتفرق معظم تلك الجموع، اجتمع بين العشاءين الشرفاء الأدراسة وغيرهم من الأعيان، وأتوا بنيس وأخرجوه من الحمام وجعلوه وسطهم كأنه واحد منهم وتوجهوا به للحرم الإدريسى، ولما حل به أدخله الشريف أبو حامد العربى الإدريسى لعلو له بزنقة الوادى، ولما اطمأن صار

<<  <  ج: ص:  >  >>