وقبائل آيت باعمران هذه كثيرة تفوت الحصر يتكلمون بالعربية وأعشارهم يأكلها طلبة العلم، ولآيت باعمران كرم زائد وشجاعة، وهم أباة الضيم أهل شمم ونخوة يحبون الغريب النازل بهم ويكرمون الضيف لا سيما رؤساؤهم فإنهم يحبون العلماء ويجلونهم غاية، ولا يتكلمون في مجالسهم حفظا لحرمتهم وتأدبا معهم، وكذلك تلك القبائل بحيث يذهل الداخل لبلادهم ما يرى من أنواع الأدب.
ولما استقر به الثوى أوفد وفدًا لوادى نول عمه مولاى الأمين ووزيره على سماع المظالم العلامة السيد على المسفيوى والقائد مبارك بن الشليح الشرادى الدليمى والقائد حمان بودلاحة الودى والقائد عبد الحميد الرحمانى في لفيف من الأتباع، حيث بلغه أى المترجم، أن مركبا إنجليزيا ورد لتلك الناحية القاحلة حاملا للأرز وغيره من المقتاتات بقصد الاتجار مع تلك القبائل المصابة بالقحط وأليم الجوع، وخاف سوء العقبى ليحققوا له الأمر ويطلعوا على الأحوال بتلك الجهة التي أكثر المرجفون القيل والقال فيها وامتدت أعناق الأجانب إليها وكثرت أطماعهم فيها ليتدارك الخرق بالرتق قبل اتساعه.
ثم أمر بإصلاح دار المخزن بتيزنيت ونصب قائداً من قواد جيشه المظفر، وأقامه بقصبة تيزنيت بقصد أن يكون إعانة لسائر عمال ذلك القطر السوسى من وأدى ولغاس -وهو واد عظيم بين هشتوكة وتيزنيت لم ير أعظم منه بسوس وأودية تلك الجبال تنصب منه وهو ينصب في البحر- إلى منتهى وادى نول وكليمم يتفاوضون معه فيما عسى أن يعرض لهم من المهمات ولا سيما إذا كان المخزن بعيداً وصرح لهم بأنه أقامه مشرفا للتفاوض معه وبصيرة على ما قصده من فتح تلك المرسى ففرحوا بذلك واطمأنوا ووقع الإشهاد عليهم بذلك، ودونك نص عقد الإشهاد الواقع عليهم بما ذكر: