هذا وأيضًا فمن جملة الأهم المقصود لدينا بوجهتنا السعيدة لهذه الناحية البعيدة. فتح مرسى بوادى نون في حدود بلاد تكنة وآيت بوعمران بمحل يسمى أصك ليسهل بقربها على تلك القبيلتين البيع والشراء فيما يستقبل من الأزمان. لأنهم لبعد مراسى إيالتنا السعيدة عنهم، يتضررون في تجشم السفر لها بقصد ذلك بالطريق وتشرق القوافل منهم ولو مع وجود الماء بالريق. ويكاد نفسهم أن يقطع منهم حروف الحلق. فتيممناها زيادة في الإحسان إليهم والله يزيد في الخلق إلى أن بقى بينها وبين المحلة مرحلتان فيهما ثلاث عشرة ساعة سفر الرفق إذ ورد علينا أعيان القبيلتين المذكورين آيت بوعمران وتكنه وأهدوا كغيرهم، فولينا عليهم وأجرينا مجرى كيرهم ووقع الكلام معهم في شأنها، فأجابوا لذلك لما لهم من الرغبة فيها، حتى إن بعضهم كانت سولت له نفسه فتحها على يد بعض تجار الدول. تقريبا كلما ذكرنا وحرصا على بلوغ الأمل واتفقت الآراء منهم على توجيه من يقف على انتخاب المحل الذى تبنى فيه مما يقبل البحر تخطيطه وتأمن فيه جواريه.
فساعدناهم ووجهنا صحبتهم سرية من القبائل والجيش السعيد. ومعهم طلبة الهندسة لتقريب البعيد بقصد معاينة محلها وتخطيطه. والإتيان لحضرتنا المحروسة بطبق تصويره واستغنينا عن التقدم بهم، بحيث إن قضوا الغرض فذاك وإلا فننهض لقضائه على الله متوكلين. وبجيوشنا المتوافرة مصحوبين. لقربنا منهم إذ نحن الآن بأمن ومن بلاد أهل أكلوا مخيمون وهو الطرف الأول لآيت بوعمران، الذى يسمى بالساحل، بينه وبين المرسى المقدار الذى تقدم آنفا حسبما قدره الميقاتيون، كلما أن الأهمية أيضا اقتضت نصب قائد من قواد جيشنا السعيد مختارا من أماثلهم ذار أى مصيب. وتسديد يكون بتزنيت محل المخزن في القديم. إعانة وردءاً لسائر عمال القطرين بالمشار من قطع وادى والغاس إلى منتهى وادى نون واكلميم.