ونعهد إلى عمالنا ولاة أمرنا أن يلزموا أنفسهم وأهليهم طاعة الله، ويدلوا رعيتهم عليها ويعملوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحضوهم عليها قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ... (٦)} [التحريم: ٦]، وأن يلزموا كل قرية ومدشر ودوار مشارطة طالب علم يعلم أولادهم ويفقههم في دينهم، ويقيم لهم الصلوات الخمس في أوقاتها، ويحضهم على الأذان الدال على إيمان الدار، وهو للمؤمنين شعار، وأن ينبهوا على رد البال للطريق ليلاً ونهاراً، وتعاهد أماكن الخوف منها رواحاً وابتكاراً، وينصبوا لأهل العيث الأرصاد، ويمكنوا لهم بكلِّ واد، حتَّى تفسير الدماء بذلك محقونة، والفتن محسومة، والأموال مصونة.
فإن قَطع الطَّريق وإخافة المسافرين من أقبح السيئات. كما أن إماطة الأذى عن الطَّريق من أحسن الصالحات، ففي الحديث الكريم:"عرضت على أعمال أمتى حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطَّريق".
وأن يتفقدوا أحوال الفقراء الذين قتِّرَت عليهم موارد الأرزاق (١). وألبسهم التعفف ثوب الغني وهم في ضيق من الإملاق. بصدقة التطوع التي هي للحسنات كلام المولود، فهى التي تتيقظ لحراسة صاحبها والنّاس رقود، وبها تستنزل الأرزاق وتسبغ الآلاء. وتطفئ الغضب ولا يتخطاها البلاء، اختص الله بها بعض عباده لمزية أفضالها. وجعلها سبباً للتعويض بعشر أمثالها. ففي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم -: "من تصدق بصدقة منْ كَسْبٍ طيب ولا يقبل الله إلَّا الطَّيِّب فكأنه إنَّما يضعها في كف الرحمن يربيها له كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله حتَّى تكون مثل الجبل" وفيه: "ما من رجل يتصدق في يوم أو ليلة إلَّا حفظ من أن يموت من لدغة أو هدمة أو موت بغتة" وفيه "إن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النَّار" وفيه: "اتقوا النَّار ولو بشق تمرة" وفيه: "أعطوا السائل ولو جاء على فرس" أى لا تردوه ولو جاء على حالة تدل على غناه.