كانوا فيه حيارى. حتى عادوا في الأغلال أسارى. ولم يتنبهوا لمسلك الإرشاد. حتى أصبحوا مقرنين في الأصفاد. لكونهم سلكوا طرائق، ما فيها رائق، وظهرت منهم خلائق، كان غيرها بهم هو اللائق.
وبعد ذلك نهضنا بهم في سطوة من الله ونصر، متعرفين من أياديه ما لا يدخل تحت حصر. متخللين أعماق الشواهق من أقاصى جبال درن. حتى خرجنا منها لفسيح الصحراء خروج عِزّ قَد اتصل إسعاده بحَول الله واقترن. فخيمنا في بسيطة تداغوست بجيوشنا الجرارة، وأصبح فضاؤها بمحالنا الموفورة عمارة.
وعندما ضربت هنالك أخبيتها الميمونة وقبابها. ومددت بأوتار الظفر والثبات أطنابها، تلقانا القاطنون بها من بقية آيت مرغاد المتطرفين، وتبادروا لأداء حقوق الطاعة ملتزمين ومعترفين، وتوارد علينا أهل تلك النواحى طلبة وشرفاء وكبراء وأعيانا، وشيوخا ورجالا وصبيانا، مظهرين غاية الفرح والابتهاج، وناهجين في مسالك الانحياش والالتجاء أبلغ الانتهاج، ومتسابقين لتقبيل مواطئنا التي جعل الله العز في تقبيلها، والسعد في اتباع سبيلها بعد أن أظهروا من الإذعان والخدمة ما كان لنفوسهم أمانا، ولقلوبهم سكونا واطمئنانا، إلا ما كان من ابن يحيى المرغادى. الذى كان رأس النفاق، وموئل أهل الشقاق بذلك النادى، فقد قبضنا عليه في وسط حماه. حيث أوقعه في شرك الثبور عماه. فكان كما انتضى من غمده نصله. وبكاه بدمع الثكلان أهله. ولكن رب بكاء وتصلية. خير من مكاء وتصدية، ومن أرسل نفسه مع الهوى، فقد هوى في هوى، وبعثنا به بعد قبضه لمراكش مقيدا، إراحة من شؤمه، وعقوبة على ما فرط منه وبدا. وما زالت سنة الله في مخلب المعصية أن يقص بالندامة. وفى جناح الطاعة أن يوصل بالأدامة.
وانتخبنا إذ ذاك من أهل الوطن من يصلح بهم من العمال. فوليناهم عليهم ولاية صلاح تصونهم عن مسارح الإهمال، وانتدبوا لأداء ما لزمهم من الواجبات والكلف، بعد أن كانوا منها على خطر وتلف.