وعندما شارفنا تلك المواطن الميمونة السنية وواجهنا معالمها بخوافق البنود والألوية، تسابق أهلها لشريف لقيانا وأكبوا على ركابنا الشريف شرفاء وطلبة ورجالا ونسوانا، معلنين بضمائر المحبة والاشتياق ومظهرين من كمال الفرح ما لا يوصف حده ولا يطاق، وكذلك جميع أهل الزوايا وأصحاب الأحوال، فكل طائفة تلهج برنات السرور، وتضرب آلات الأفراح وتنشر أعلام الإجلال. حتى أسفرت أيام المسرات هناكم عن أبهج المباسم، وغدت من أيام الأعياد والولائم والمواسم، وأقمنا هنالك بقصد الاستراحة والزيارة ومشاهدة آثار أسلافنا الكرام التي لم تزل على جلالة مآثرهم أمارة. حتى عاينا معالمهم المنيرة وأصبحت العيون بفيوض بركاتهم قريرة، وتعاهدنا أملاكهم وأصولهم الأثيلة، وقضينا المتعين من حقوق المراحم الطيبة الجليلة، ووجهنا ولدينا الأرْضَيْنَ مولاى عبد العزيز ومولاى بلغيث أصلحهما الله لتوفية الشرفاء أقاربنا وأبناء عمنا بصلتهم المعهودة لهم بعد أن زدناهم عليها خمسين ألف مثقال تتمة لمائة ألف مثقال أيضا، وجب فيها بصرف بلدهم عشرون ألف ريال صلة، تحمد وترضى مراعاة لحقوق القرابة الشريفة، التي حض الله ورسوله عليها، ونص في كتابه الحكيم على نسبة التنزيه والتطهير والتعظيم إليها، وزيادة برور حيث قدمنا لتلك المواطن المباركة وحللنا لديها، وها نحن لما قضينا في سجلماسة بحول الله المرام. واجتمعت مصالحها الغائية بحلولنا الشريف جمع الأهلة بالتمام. شددنا رحال الأوبة متوجهين لمراكش الحمراء، ومتحدثين بنعمة الله سبحانه حمدا وشكرا.
وعند ذلك كتبنا لكم هذا المسطور الكريم. لتعلموا ما سناه الله لنا من فتحه العميم. وتأخذوا حظكم من الفرح والسرور. وتقيموا نزهة الشكر إظهارًا لنعمة الله ويمنه الموفور. وتحمدوا الله على فتوحه الكفيلة برعاية الإسلام. التي دل حسن ابتدائها على حسن الختام، ونسأل الله تعالى أن يحفنا بدوام حفظه في المقام