للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرره إماما الفن حافظا الأندلس أبو محمد ابن حزم وأبو عمر ابن عبد البر قائلا فهم ولد كنعان بن حام بن نوح واسم أبيهم مازيغ، انتهى.

وقد جزم الحافظ ابن حجر في الفتح بأن بني مرين من البربر.

ومما يستملح إيراده هنا في مناسبة ذكر هذا الاسم أعنى اسم أبيهم ما ساقه في الاستقصا من كتاب الجمان إذ قال: لما كانت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستفتحت مدينة مصر وكان عليها عمرو بن العاص، قدم عليه ستة نفر من البربر محلقين الرءوس واللحي، فقال لهم عمرو ما أنتم وما الذي جاء بكم؟ قالوا: رغبنا في الإسلام فجئنا له لأن جدودنا قد أوصونا بذلك، فوجههم عمرو إلى عمر رضي الله عنهما وكتب إليه بخبرهم، فلما قدموا عليه وهم لا يعرفون لسان العرب كلمهم الترجمان على لسان عمر، فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: نحن بنو مازيغ، فقال عمر لجلسائه: هل سمعتم قط بهؤلاء؟ فقال شيخ من قريش: يا أمير المؤمنين هؤلاء البربر من ذرية بر بن قيس بن عيلان، خرج مغاضبا لأبيه وإخواته فقالوا بربر أي أخذ البرية، فقال لهم عمر رضي الله عنه: ما علامتكم في بلادكم؟ قالوا نكرم الخيل ونهِين النساء، فقال لهم عمر: ألكم مدائن؟ قالوا: لا، قال: ألكم أعلام تهتدون بها؟ قالوا: لا، قال عمر: والله لقد كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته فنظرت إلى قلة الجيش وبكيت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عمر لا تحزن فإن الله سيعز هذا الدين بقوم من المغرب ليس لهم مدائن ولا حصون ولا أسواق ولا علامات يهتدون بها في الطرق، ثم قال عمر: فالحمد لله الذي منّ عليّ برؤيتهم ثم أكرمهم ووصلهم وقدمهم على من سواهم من الجيوش القادمة عليه، وكتب إلى عمرو بن العاص أن يحملهم على مقدمة المسلمين وكانوا من أفخاذ شتى (١)، انتهى.

قلت: وهذه الحكاية غريبة جدا فهي في عهدة صاحب الجمان، في أخبار الزمان، وهو العلامة المؤرخ الأجل المشهور بالشُّطَيْبِى.


(١) الاستقصا ١/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>