للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأكثرون هذا التعذيب هو القتل وأما اتخاذ الحسنى فيهم فهو تركهم أحياء.

قلت: والتخيير في الآية في أهل المغرب الأقصى على أحد القولين بين التعذيب والإحسان اللذين شرحتهما التفاسير سابقا هو بالنظر لحالهم الكفري وقتئذ أما من صار منهم بعد مسلما فليس إلا الإحسان في حقه باحترام نفسه وماله كما قال عليه الصلاة والسلام في حديث الصحيح، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها الحديث.

وأما ما يتبادر من قول زورق سابقا، فدل على استحقاقهم لكل ما يعاملون به من خير أو شر وإنهم لكذلك، انتهى. من كونهم يستحقون ذلك حتى في زمنه الذي هم فيه على الإسلام فيتعين أن يكون محله ما يستحقونه بالذنوب التي يرتكبونها وقتئذ وإلا فالإسلام عاصم للدم والمال قطعا كما رأيت نص صاحب الشرع عليه فلا تغتر بالظواهر المقطوع بتعطيلها وعدم الوقوف معها، على أن الآية إنما هي خبر عما قيل لذي القرنين في قوم معينين فلا مساس لها بما فهمه الشيخ زورق.

وقد أشار في "صبح الأعشى" تبعا لابن سعيد إلى ما أومأ إليه الشيخ زروق من كون أهل المغرب الأقصى بعد كون الإسلام وصفهم فيهم أوصاف خيرية تقتضي الإحسان وأوصاف شرية تقتضي عدمه بقوله: قد تقدم أن معظم هذه المملكة في الإقليم الثالث أي في بعضه، قال ابن سعيد: الأقليم الثالث هو صاحب سفك الماء والحسد والقتل والغل وما يتبع ذلك قال وللمغرب الأقصى من ذلك الحظ الأوفر سيما في جهة السوس وجبال درن، فإن قتل الإنسان عندهم على كلمة وهم بالقتل يفاخرون، ثم قال: إن الغالب على أهل المغرب الأقصى كثرة التنافس المفرط والحماقة وقلة التغاضي والتهور والمفاتنة، أما البخل فإنما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>