للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا شرف الفلسفة إنما هو في الدنيا لا غير، وقد ذم الله تعالى علما هذه صفته بقوله: يعلمون ظاهرا عن الحياة الدنيا وهم عن الآخرة ... إلخ. وكل شرف لا نتيجة له في المآل. فهو في الحقيقة وبال. على أن ابن خلدون قد عقد في الفصل السادس من مقدمته ترجمتين اثنتين بين فيهما بطلان علمي الفلسفة والتنجيم كما أومأ إلى المفاسد التي دخلت على أهل الدين من الفلسفة، وحينئذ فالشفوف الحقيقي، إنما هو لمن شرفه علمه في الحال والمآل، ولعلماء البربر من ذلك الحظ الوافر والحمد لله.

وناهيك مهم في القرن الثالث وأوائل الرابع بأبي جعفر أحمد بن نصر بن زياد البربري أحد العلماء الراسخين، ومن بهم في حفظ المذهب المالكي يضرب المثل، وبابن القوطية من أئمة العربية وهو من أهل القرن الرابع، وبأبي الحسن الجزيري من أئمة علم الوثائق وهو من أهل القرن السادس، وبشهاب الدين القرافي من أئمة المعقول والمنقول وهو من أهل القرن السابع، وبأبي محمد عبد الله بن أبي بكر الصَّودي بفتح الصاد من أئمة الحساب والفرائض وهو أيضًا من أهل القرن السابع، وبأبي محمد صالح الفاسي، وأبي محمد التادلي وهما من أئمة الفقه المضروب بهما المثل في حفظه وإتقانه علما وعملا، وهما أيضًا من أهل القرن السابع، ومثلهما في ذلك وفي الفرائض الحافظ السطي الأوربي نسبة إلى أوْربة -بفتح الهمزة والراء المهملة والباء الموحدة- بطن من البرانس كذا في سبائك الذهب، وهو من أهل القرن الثامن، وبابني الإمام أبي زيد وأبي موسى التلمسانيين من أئمة المعقول والمنقول، وهما من أهل النصف الأول من القرن الثامن، وبالإمامين العارفين سيدي إبراهيم التازي، وسيدي إبراهيم المصمودي وهما ممن حار طرفا من القرن التاسع الى غير هؤلاء ممن حفظ التاريخ شرفهم العلمي.

وقد حقق كونهم من البربر أهل الخبرة بالأنساب، العارفون بالقواعد في هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>