للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" كنا فى رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , من شاء صام ومن شاء

أفطر فافتدى بطعام مسكين , حتى نزلت هذه الآية: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) " أخرجه مسلم.

ويشهد له حديث معاذ المتقدم.

فهذا يبين لنا أن فى حديث ابن عباس إشكالا آخر , وهو أنه يقول: أن الرخصة التى كانت فى أول الأمر , إنما كانت للشيخ أو الشيخة وهما يطيقان الصيام , وحديث سلمة ومعاذ يدلان على أن الرخصة كانت عامة لكل مكلف شيخا أو غيره , وهذا هو الصواب قطعا لأن الآية عامة , فلعل ذكر ابن عباس للشيخ والشيخة لم يكن منه على سبيل الحصر , بل التمثيل , وحينئذ فلا إختلاف بين حديثه والحديثين المذكورين.

ويبقى الخلاف فى الإشكال الأول قائما لأن الحديثين المشار إليهما صريحان فى نسخ الآية. وابن عباس يقول ليست بمنسوخة ويحملها على الذين لا يستطيعون الصيام كما سبق بيانه!

فلعل مراد ابن عباس رضى الله عنه أن حكم الفدية الذى كان خاصا بمن يطيق الصوم ويستطيعه ثم نسخ بدلالة القرآن , كان هذا الحكم مقررا أيضا فى حق من لا يطيق الصوم ولا يستطيعه , غير أن الأول ثبت بالقرآن , وبه نسخ , وأما الآخر فإنما ثبتت مشروعيته بالسنة لا بالقرآن , ثم لم ينسخ , بل استمرت مشروعيته إلى يوم القيامة , فأراد ابن عباس رضى الله عنه أن يخبر عن الفرق بين الحكمين: بأن الأول نسخ , والآخر لم ينسخ , ولم يرد أن هذا يثبت بالقرآن بآية (وعلى الذين يطيقونه) , وبذلك يزول الإشكال إن شاء الله تعالى.

ويؤيد ما ذكرته أن ابن عباس ـ فى رواية عزرة ـ بعد أن ذكر نسخ الآية المذكورة قال: " وثبت للشيخ الكبير , والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم , والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا , وأطعمتا كل يوم مسكينا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>