قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين , لكن طعن الإمام أحمد فيه , فإنه أورده من هذا الوجه بزيادة " محرم " كما فى الطريق الثانية ورواية الطيالسى فى هذه الطريق , فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فى رسالته فى الصيام (ص ٩٣ ـ بتحقيقنا) : " قال مهنى: سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم؟ فقال: ليس
بصحيح , وقد أنكره يحيى بن سعيد الأنصارى ".
قلت: ووجه الإنكار ما نقله الحافظ عن النسائى , فقال عنه: " واستشكل كونه صلى الله عليه وسلم جمع بين الصيام والإحرام لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام فى السفر , ولم يكن محرما إلا وهو مسافر , ولم يسافر فى رمضان إلى جهة الإحرام إلا فى غزاة الفتح , ولم يكن حينئذ محرما ".
قال الحافظ: " قلت: وفى الجملة الأولى نظر , فما المانع من ذلك؟ فلعله فعل مرة لبيان الجواز , وبمثل هذا لا ترد الأخبار الصحيحة , ثم ظهر لى أن بعض الرواة جمع بين الأمرين فى الذكر , فأوهم أنهما وقعا معا , والأصوب رواية البخارى: " احتجم وهو صائم , واحتجم وهو محرم " فيحمل على أن كل واحد منهما وقع فى حالة مستقلة , وهذا لا مانع منه , فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم صام فى رمضان وهو مسافر , وهو فى " الصحيحين " بلفظ: " وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة , ويقوى ذلك أن غالب الأحاديث ورد مفصلا ".
فقلت: وهذا هو التحقيق , وبه يزول الإشكال إن شاء الله تعالى , ولكن ليس هناك ما يشعر بأن احتجامه صلى الله عليه وسلم وهو صائم كان فى سفر , فيحتمل أن يكون وقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم فى السفر , ويحتمل أن يكون فى الحضر , فلا ضرورة حينئذ لإثبات أنه صلى الله عليه وسلم صام فى رمضان وهو مسافر، فتأمل.
الرابعة: قال الطيالسى (٢٦٥٧) : حدثنا رباح عن عطاء عن ابن عباس