فقالت: لو كان كما تقول لكان: " فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما " , إنما أنزل هذا فى أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا , هلوا لمناة فى الجاهلية , فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة , فلما قدموا مع النبى صلى الله عليه وسلم للحج , ذكروا ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية , فلعمرى ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة ".
وتابعه مالك فى " الموطأ " (١/٣٧٣/١٢٩) وعنه البخارى (١/٤٤٨ و٣/٢٠٠) وأبو داود (١٩٠١) والبيهقى (٥/٩٦) كلهم عن مالك به دون قوله " فلعمرى ... ". وزاد: " وكانت مناة حذو قديد ".
ثم أخرجه مسلم وأبو نعيم والبيهقى من طريق أبى معاوية عن هشام بن عروة به إلا أنه قال: " وهل تدرى فيما كان ذاك؟ إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلون فى الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما (إساف) و (نائلة) ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة , ثم يحلقون , فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذى كانوا يصنعون فى الجاهلية , قالت: فأنزل الله ... ".
قال البيهقى: " كذا قال أبو معاوية عن هشام: أن الآية نزلت فى الذين كانوا يطوفون بين الصفا والمروة فى الجاهلية , خلافا لما رواه أبو أسامة عن هشام نحو رواية مالك , فى أنها نزلت فيمن لا يطوف بينهما , ويحتمل أن يكون كلاهما صحيحا ".
يعنى أن بعضهم كان يطوف , وبعضهم لا يطوف , وسيأتى ما يشهد لهذا من رواية الزهرى عن عروة.
ورواه سفيان قال: سمعت الزهرى يحدث عن عروة قال: قلت لعائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم: ما أرى على أحد لم يطف بين الصفا والمروة شيئا , وما