وقع عنده بهذا اللفظ الثالث: " ابدءوا " , وهو فى نسختنا المخطوطة بلفظ الأول: " أبدأ " , وهى نسخة جيدة مقابلة ومصححة , فالظاهر أن نسخ " السنن الكبرى " فى هذه اللفظة مختلفة , فيمكن أن يكون أولئك الحفاظ كانت نسختهم موافقة لنسخة ابن حزم من " السنن الكبرى " , أو أنهم اعتمدوا عليها فى عزو اللفظ المذكور للنسائى [١] .
وسواء كان هذا أو ذاك , فلست أشك أن رواية ابن حزم شاذة لمخالفتها لجميع الطرق عن حاتم بن إسماعيل , وقد اتفقت جميعها على رواية الحديث باللفظ الأول كما تقدم.
نعم قد وجدت للفظ الثالث طريقين آخرين , لم أر من نبه عليهما أو أرشد إليها من أولئك الحفاظ:
الأولى: عن سفيان الثورى عن جعفر بن محمد به.
أخرجه الدارقطنى (٢٦٩) والبيهقى (١/٨٥) .
والأخرى: عن سليمان بن بلال عن جعفر به.
أخرجه أحمد (٣/٣٩٤) : حدثنا موسى بن داود حدثنا سليمان بن بلال.
قلت: وموسى بن داود ـ وهو الضبى.
قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق فقيه زاهد , له أوهام ".
وأما سليمان بن بلال فثقة محتج به فى الصحيحين , فيمكن أن يكون الضبى قد وهم عليه فى هذا اللفظ , وإلا فهو الواهم والعصمة لله.
وجملة القول: إن هذا اللفظ: " ابدءوا " شاذ لا يثبت لتفرد الثورى وسليمان به , مخالفين فيه سائر الثقات الذين سبق ذكرهم وهم سبعة , وقد قالوا: " نبدأ ". فهو الصواب , ولا يمكن القول بتصحيح اللفظ الآخر لأن الحديث واحد , وتكلم به صلى الله عليه وسلم مرة واحدة عند صعوده على الصفا , فلا بد من الترجيح , وهو ما ذكرنا. وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن دقيق العيد فى " الإلمام بأحاديث الأحكام " (رقم ٥٦) بعد أن ذكر هذا اللفظ من رواية النسائى:
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[١] {الحديث بلفظ ابدءوا عند النسائى فى الصغرى ٥/٢٣٦ رقم ٢٩٦٢ , وفي الكبرى ٣٩٦٨ كذا في النسخ المطبوعة التى بين أيدينا}