الحديث مرفوعا تارة , وموقوفا أخرى , فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع , والنووى ممن يعتمد ذلك ويكثر منه ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافع ثقة , فيجىء على طريقته أن المرفوع صحيح.
فإن اعتل عليه بأن ابن السائب اختلط ولا تقبل إلا رواية من رواه عنه قبل اختلاطه.
أجيب بأن الحاكم أخرجه من رواية سفيان الثورى عنه , والثورى ممن سمع منه قبل اختلاطه باتفاق , وإن كان الثورى قد اختلف عليه فى وقفه ورفعه , فعلى طريقتهم تقدم رواية الرفع أيضا ".
قلت: وهو الصواب لاتفاق ثلاثة على روايته عن سفيان مرفوعا كما تقدم ومن البعيد جدا أن يتفقوا على الخطأ , ولا ينافى ذلك رواية من أوقفه عنه لأن الراوى قد يوقف الحديث تارة ويرفعه أخرى حسب المناسبات كما هو معروف فروى كل ما سمع , وكل ثقة , فالحديث صحيح على الوجهين موقوفا ومرفوعا.
وهذا كله يقال على افتراض أنه لم يروه مرفوعا إلا عطاء بن السائب كما سبق عن الترمذى , وليس كذلك.
بل تابعه ثقتان: الأول إبراهيم بن ميسرة , والآخر الحسن بن مسلم وهو ابن يناق المكى.
أما متابعة إبراهيم فأخرجها الطبرانى فى " المعجم الكبير " (ج ٣/١٠٥/١) عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عنه عن طاوس به.
لكن ابن عبيد هذا ضعيف كما قال الحافظ (ص ٤٨) , قال: " وهى عند النسائى من حديث أبى عوانة عن إبراهيم بن ميسرة به موقوفا على ابن عباس.
وأما متابعة الحسن بن مسلم , فأخرجها النسائى (٢/٣٦) وأحمد (٣/٤١٤ , ٤/٦٤ و٥/٣٧٧) من طرق عن ابن جريج أخبرنى حسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبى صلى الله عليه وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إنما الطواف صلاة , فاذا طفتم فأقلوا الكلام ".
وهذه متابعة قوية بإسناد صحيح ليس فيه علة.
ولذلك قال الحافظ: