ثم ساق أبو داود بإسناده الصحيح عن طاوس: " أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبى صلى الله عليه وسلم , وأبى بكر , وثلاثا من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم ".
وأخرجه مسلم فى " صحيحه " والنسائى وأحمد وغيرهم.
وخلاصة كلام أبى داود أن ابن عباس رضى الله عنه كان له فى هذه المسألة وهى الطلاق بلفظ ثلاث قولان , كما كان له فى مسألة الصرف قولان , فكان يقول فى أول الأمر بجواز صرف الدرهم بالدرهمين , والدينار بالدينارين نقدا , ثم بلغه نهيه صلى الله عليه وسلم عنه , فترك قوله , وأخذ بالنهى , فكذلك كان له فى هذه المسألة قولان: أحدهما: وقوع الطلاق بلفظ ثلاث.
وعليه أكثر الروايات عنه.
والآخر: عدم وقوعه كما فى رواية عكرمة عنه , وهى صحيحة.
وهى وإن كان أكثر الطرق عنه بخلافها , فإن حديث طاوس عنه المرفوع يشهد لها.
فالأخذ بها هو الواجب عندنا , لهذا الحديث الصحيح الثابت عنه من غير طريق , وإن خالفه الجماهير , فقد انتصر له شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما , فمن شاء تفصيل القول فى ذلك , فليرجع إلى كتبهما , ففيها الشفاء والكفاية إن شاء الله تعالى.
(فائدة) : حديث طاوس عن ابن عباس المتقدم برواية مسلم وغيره قد أخرجه أبو داود بلفظ: " كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر ... ". فزاد فيه: " قبل أن يدخل بها ".
وهى زيادة منكرة , كما حققته فى " الأحاديث الضعيفة " (١١٣٣) .