ورواه البيهقي من حديث أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وضعفها كلها، وسبق إلى ذلك أحمد بن حنبل وابن خزيمة وابن المنذر.
قال الخلال عن أحمد: لا يصح فيه شيء، ولكن عمر كان يقنت.
قلت: ومما يقوي الحديث تلك الشواهد التي أشار إليها الحافظ، ويقويه أيضا حديث أنس بن مالك لما سئل عن القنوت في الصلاة قبل الركوع أو بعده؟ أجاب بقوله: قبله. ثم ذكر أن القنوت بعد الركوع إنما كان شهرا واحدا كما تقدم بيانه قبل حديث. وإذا تذكرنا أن أنسا رضي الله عنه كان يعتقد أن قنوت النازلة إنما كان بدؤه في حادثة القراء الذين قتلوا في بئر معونة، وأنه إنما قنت من أجلها شهرا بعد الركوع ينتج معنا أن القنوت في غير النازلة - وليس ذلك إلا قنوت الوتر - إنما هو قبل الركوع، كما قال هو نفسه في الرواية السادسة والسابعة المتقدمتين عنه، ولا يمكن حمل القبلية في قوله هذا إلا على قنوت الوتر، كما لا يخفى على من تتبع مجموع روايات حديث أنس المتقدمة. والله أعلم.
وقد يشهد للحديث ما أخرج ابن منده في التوحيد (ق ٧٠ / ٢) : أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن شيبة المدني الحزامي حدثنا ابن أبي فديك عن إسماعيل بن إبراهيم بن عنبة عن موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول إذا فرغت من قراءتي في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت ... الحديث وزاد في آخره: لا منجا منك إلا إليك.
فإن قوله: أن أقول إذا فرغت من قراءتي في الوتر ظاهر قبل الركوع، لكن رواه الحاكم (٣ / ١٧٢) وعنه البيهقي (٣ / ٣٨ - ٣٩) من طريقين آخرين عن الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني به بلفظ: إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود.