وأما حديث الشعبى , فيرويه على بن عاصم عن محمد بن سالم عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا قراءة خلف الإمام ".
قلت: وهذا مع إرساله ضعيف السند فإن على بن عاصم ومحمد بن سالم كلاهما ضعيف.
وقد روى عن محمد بن سالم عن الشعبى عن الحارث عن على متصلاً كما تقدم.
والمرسل أصح لما قال الدارقطنى.
ويتلخص مما تقدم أن طرق هذه الأحاديث لا تخلوا من ضعف , لكن الذى يقتضيه الإنصاف والقواعد الحديثية أن مجموعها يشهد أن للحديث أصلاً , لأن مرسل ابن شداد صحيح الإسناد بلا خلاف , والمرسل إذا روى موصولاً من طريق أخرى اشتد عضده وصلح للاحتجاج به كما هو مقرر فى مصطلح الحديث , فكيف وهذا المرسل قد روى من طرق كثيرة كما رأيت. وأنا حين أقول هذا لا يخفى على ـ والحمد لله ـ أن الطرق الشديدة الضعف لا يستشهد بها , ولذلك فأنا أعنى بعض الطرق المتقدمة التى لم يشتد ضعفها.
(تنبيهان) :
الأول: عزا المؤلف الحديث لمسائل عبد الله , وقد فتشت فيها عنه فلم أجده , فالظاهر أنه وهم , وعلى افتراض أنه فيه فكان الأولى أن يعزوه للمسند دون المسائل أو يجمع بينهما لأن المسند أشهر من المسائل كما لا يخفى على أهل العلم
الثانى: سبق أن الدارقطنى ضعف الإمام أبا حنيفة رحمه الله لروايته لحديث عبد الله بن شداد عن جبر موصولاً , وقد طعن عليه بسبب هذا التضعيف بعض الحنفية فى تعليقه على " نصب الراية " (٢/٨) ولما كان كلامه صريحاً بأن التضعيف منالدارقطنى كما مبهماً غير مبين ولا مفسر , ولما كان يوهم أن الدارقطنى تفرد بذلك دون غيره من أئمة الجرح والتعديل , لاسيما وقد اغتر به