قلت: قد صرح بالتحديث فى " السيرة " فأمنا بذلك تدليسه , فالحديث حسن , ثم قال الحافظ: " ولم يتفرد به , بل تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد والنسائى , وأما ابن الجوزى فقال: لم يقل " غسلتك " إلا ابن إسحاق. وأصله فى البخارى بلفظ: ذاك لو كان وأنا حى , فأستغفر لك وأدعو لك ".
قلت: رواية صالح فى " المسند " (٦/١٤٤) عنه عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى اليوم الذى بدىء فيه فقلت: وا رأساه , فقال: وددت أن ذلك كان وأنا حى , فهيأتك ودفنتك , قالت: فقلت ـ غيرى ـ: كأنى بك فى ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك! قال: وأنا وا رأساه , ادعوا لى أباك وأخاك , حتى اكتب لأبى بكر كتاباً فإنى أخاف أن يقول قائل , أو يتمنى متمن: أنا أولى , ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر ".
وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وهو فى البخارى (٤/٤٦) من طريق القاسم بن محمد قال: " قالت عائشة: وا رأساه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك لو كان وأنا حى , فأستغفر لك , وأدعو لك , فقالت عائشة: واثكلياه , والله إنى لأظنك تحب موتى! لو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك! فقال النبى صلى الله عليه وسلم: بل أنا وا رأساه! لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبى بكر وابنه وأعهد , أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون , ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون , أو يدفع الله , ويأبى المؤمنون ".
قلت: فقول صالح بن كيسان فى رواية: " فهيأتك " نص عام يشمل كل ما يلزم الميت قبل الدفن من الغسل والكفن والصلاة فهو بمعنى قول ابن إسحاق فى روايته: " فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك " , فالحديث بهذه المتابعة صحيح , والله أعلم.