قلت: أما أن يحيى هذا هو الوحاظى , فهو مما لا شك فيه , ولا يحتمل غيره , وأما أن العلة العنعنة المذكورة , فكلا , فقد احتج الشيخان بها فى غير ما حديث.
وإذا كان الإسناد ظاهر الصحة , فلا يجوز الخروج عن هذا الظاهر إلا لعلة ظاهرة قادحة , وقول أبى حاتم " حديث باطل " جرح غير مفسر كما يشعر بذلك قول الحافظ نفسه " لم يحكم عليه إلا بعد أن تبين له " , والجرح الذى لم يفسر حرى بأن لا يقبل , ولو من إمام كأبى حاتم , لا سيما وهو معروف بتشدده فى ذلك , وخاصة وقد خولف فى ذلك من ابن أبى داود كما رأيت.
على أننى لم أجد قول أبى حاتم المذكور فى " الجنائز " من " العلل " , وإنما وجدت فيه الزيادة التى عند ابن أبى داود فقط , أوردها ابنه (١/٣٤٨) , من طريق الأوزاعى به وقال عن أبيه وأبى زرعة: " لا يوصلونه , يقولون: عن أبى سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم. مرسل. إلا إسماعيل بن عياش وأبو المغيرة فإنهما رويا عن الأوزاعى كذلك ".
فهذا يدل على أن علة الحديث عند أبى حاتم ليست هى العنعنة كما ظن الحافظ ابن حجر , وإنما الإرسال , ويدل أيضا على أن أبا حاتم لم يقف على رواية سلمة بن كلثوم هذه عن الأوزاعى , وإلا لذكرها مع رواية ابن عياش وأبى المغيرة.
واتفاق هؤلاء الثلاثة على وصل الحديث دليل على صحته , وعلى ضعف إعلال أبى حاتم إياه بالإرسال. والله أعلم.
ثم رأيت الحديث فى " تاريخ ابن عساكر " (١٧/٢٧٥/٢) أخرجه من طريق محمد بن كثير المصيصى الأوزاعى حدثنى يحيى بن أبى كثير حدثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن به. وفيه الزيادة.
وهذا سند , ظاهره الجودة , لكنه فى الطريق إليه أبو على محمد بن هارون بن شعيب الأنصارى وهو متهم.
وللحديث شاهدان: أحدهما عن عامر بن ربيعة ويأتى فى الكتاب بعده.
والأخر عن جعفر بن محمد عن أبيه: