حدث من حفظه " قلت: والوهم إنما يظهر بمثل هذه المخالفة للحفاظ , كما هو ظاهر , ومع ذلك فلم أجد من نبه على هذه العلة فى الحديث , بل قواه الحافظ كما رأيت , وكذلك غيره , وقد بين بعض المحققين وجه العلة فيه , فقال الحافظ الزيلعى فى " نصب الراية " (٢/٣٢٨) بعد أن ذكر خلاف الأئمة فى عاصم: " فالحديث حسن , قال النووى رحمه الله فى " الخلاصة ": وهو حديث صحيح أو حسن , انتهى.
ولا يقدح فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له. وقال عبد الحق فى " أحكامه ": هذا حديث رواه جرير بن حازم عن أبى إسحاق عن عاصم والحارث عن على , فقرن أبو إسحاق فيه بين عاصم والحارث , والحارث كذاب , وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا , وهو أن الحارث أسنده , وعاصم لم يسنده , فجمعهما جرير , وأدخل حديث أحدهما فى الآخر , وكل ثقة رواه موقوفا , فلو أن جريراً أسنده عن عاصم وبين ذلك أخذنا به " وقال غيره: هذا لا يلزم , لأن جريرا ثقة , وقد أسند عنهما. انتهى "
قلت: قد كان يكون غير لازم , لو أن جريراً لم يخالف برواية الحديث مرفوعاً من طريق عاصم , أما وقد خالفه فى رفعه من سبق ذكره من الثقات فما أورده عبد الحق لازم وحق. وكأن البيهقى رحمه الله أشار إلى إعلال الحديث بقوله بعد أن ساقه وحديث عائشة: " وحارثة لا يحتج بخبره , والاعتماد فى ذلك على الآثار الصحيحة فيه عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وغيرهم رضى الله عنهم ".
(تنبيه) : تبين من تخريجنا للحديث أن عزو المصنف الحديث من رواية ابن عمر إلى الترمذى وأبى داود وابن ماجه فيه تساهل كبير , لأن الأخيرين لم يخرجاه عن ابن عمر , بل رواه الأول منهما عن على والآخر عن عائشة.
وفى الباب عن أم سعد الأنصارية مرفوعا نحو حديث أنس. قال فى " المجمع " (٣/٧٩) : " أخرجه الطبرانى فى " الكبير " وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف " قلت: بل هو متهم.