للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شريعة أهل الكتاب أن من أمسك فهو عن الطعام والكلام؛ قال الضحاك: «كان من بني إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطعام ... .».

أن صيام مريم في هذه الآية داخل في آيات الوجه الأول.

- أسند ابن جرير عن أنس بن مالك أنه يقرأ: «إني نذرت للرحمن صوماً وصَمتاً».

- أسند ابن جرير عن قتادة والضحاك أنها صامت عن الطعام والشراب والكلام (١).

- قال أبو جعفر النَّحاس بعد ذكره للصمت: «وهذا معروف عند العرب: يقال لكل ممسك عن كلام أو طعام: صائم» (٢).

- قال ابن كثير: «والمراد: أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام نص على ذلك السُّدي، وقتادة وابن زيد» (٣)، وبهذا يدخل هذا المثال في الوجه الأول.

[نتيجة الدراسة]

تحصل من تلك الدراسة أن هذا الباب أنه غير داخل في علم الوجوه والنظائر وأن الوجهين اللذين ذكرهما ابن الجوزي يعودان وجهاً واحداً:

فالوجه الأول: دل عليه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣]. وقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥].ومأخذه المعنى المشهور للفظ في لغة العرب.

وأما الوجه الذي هو: الصمت. ودل عليه قوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: ٢٦]. واتضح من تفسير السلف والمفسرين أنه عائد للوجه الأول، وأن مريم أمسكت عن الشراب والطعام كما أمسكت عن الكلام؛ فقد صرح به قتادة والضحاك وابن زيد، وعليه تدل قراءة أنس بن مالك، ونص عليه ابن كثير.


(١) جميع هذه الآثار في جامع البيان ١٦/ ١٠١.
(٢) معاني القرآن للنحاس ٤/ ٣٢٦.
(٣) تفسير القرآن العظيم ٤/ ٢٦٩.

<<  <   >  >>