وبعد هذا العرض يلحظ أن هذا الوجه جزء من الوجه الأول الذي هو القراءة، فليس بين الرواية والقراءة فرق يدعو إلى تفسير الآية بالرواية دون القراءة، ويؤكد هذا ما دل عليه كلام ابن جرير على الآية فقال:«تتلوا: تحدث وتروي وتتكلم به وتخبر، نحو تلاوة الرجل للقرآن وهي قراءته»(١).
وإن أخذنا بالقول الثاني للسلف - الاتباع - فهو بلا شك عائد للوجه الثاني.
[نتيجة الدراسة]
[تحصل من تلك الوجوه الخمسة صحة وجهين فقط وهما]
الوجه الأول: القراءة. ودل عليه قوله تعالى:{بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[آل عمران: ٩٣]. وقوله تعالى:{يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ}[آل عمران: ١١٣].وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ}[فاطر: ٢٩]، وشهد له حديث عبد الله بن عمر، ومأخذه التفسير باللازم.
الوجه الثاني: الإتباع. ودل عليه قوله تعالى:{وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا}[الشمس: ٢].
ومأخذه أصل اللفظ في اللغة؛ كما قال ابن فارس.
[وأما الوجوه الثلاثة]
- الإنزال. فتقدم أنه على خلاف اللغة وقول جمهور المفسرين؛ وأن الصحيح في معنى التلاوة في الآية القراءة فهي بهذا مثال على الوجه الأول.
- العمل. فقد تقدم أن هذا الوجه يعود إلى الوجه الثاني؛ وأن حقيقة الاتباع هي العمل وإثبات هذا من تفسير السلف.
- الرواية. فعلى قول السلف: الرواية فتقدم أنها جزء من القراءة وكيف دل على ذلك كلام ابن جرير؛ وهي بهذا تدخل في الوجه الأول؛ وعلى قولهم أن التلاوة بمعنى الاتباع؛ فهذا صريح في الوجه الثاني.