للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المفسرين: ابن جرير، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير (١).

وللسلف في الآية قول آخر: أن الكلمات في الآية عيسى بن مريم، وقال به مجاهد، والسُّدي.

ولعل الأقرب أن يكون القرآن لأن سياق الآية يدل عليه.

ويتبين مما تقدم، صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير بالمثال.

الوجه الرابع: علم اللَّه وعجائبه.

[ومثل له ابن الجوزي بآيتين]

الآية الأولى: قوله تعالى: {أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: ١٠٩]،

الآية الثانية: {أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [لقمان: ٢٧]، وقيل في هذا الوجه: إنه على ظاهره لأن كلام اللَّه لا ينفد.

وتفسير الكلام بالعلم تأويل لكلام الله تعالى؛ لأن الكلام غير العلم ولكل منهما أدلة مستقلة من الكتاب والسنة؛ قال ابن تيمية: «فأما كونه سبحانه وتعالى يتكلم كلمات لا نهاية لها، وهو يتكلم بمشيئته وقدرته؛ فهذا هو الذي يدل عليه صحيح المنقول وصريح المعقول، وهو مذهب سلف الأمة وأئمتها، والفلاسفة توافق على دوام هذا النوع وقدماء أساطينهم يوافقون على قيام ذلك بذات الله، كما يقوله أئمة المسلمين وسلفهم، والذين قالوا إن ذلك ممتنع هم أهل الكلام المحدَث في الإسلام من الجهمية والمعتزلة» (٢).

[وقال ابن عثيمين في تفسيره لآية الكهف وإثباته لصفة الكلام لله تعالى]

«قوله تعالى: {قُلْ} أي: يا محمد: {لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا} يعني حبرا يكتب به {لِكَلِمَاتِ رَبِّي}. {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} قبل أن تنفد كلمات الله - عز وجل - لأنه المدبر لكل الأمور، وبكلمة {كن} لا نفاد لكلامه - عز وجل - بل أن في الآية الأخرى {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} أي لو كان أقلاما {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: ٢٧]، لنفد البحر وتكسرت الأقلام وكلمات الله - جلَّ وعلا - باقية.


(١) جامع البيان ٩/ ١١٠. معالم التنزيل ٤٩٥. الكشاف ٢/ ١٥٧. المحرر الوجيز ٢/ ٤٦٥. الجامع لأحكام القرآن ٧/ ١٩٢. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٢٢٢.
(٢) الفتاوى ٥/ ٥٣٦.

<<  <   >  >>