للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} [النحل: ٩٤].

ومعنى كلام السلف يدل عليه؛ قال سعيد بن جبير: «ناقض العهد يزل في دينه كما يزل قدم الرجل بعد الاستقامة» (١).

ومن المفسرين: ابن جرير، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي (٢).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه التمثيل للنفس بحال القدم؛ قال الطاهر بن عاشور: «وزلل القدم، تمثيل لاختلال الحال والتعرض للضر، لأنه يترتب عليه السقوط أو الكسر، كما أن ثبوت القدم تمكن الرجل من الأرض، وهو تمثيل لاستقامة الحال ودوام السير.

ولما كان المقصود، تمثيل ما يجره نقض الأيمان من الدخل، شبهت حالهم بحال الماشي في طريق؛ بينما كانت قدمه ثابتة إذا هي قد زلت به فصرع. فالمشبه بها حال رجل واحد، ولذلك نُكرتْ وأفردت، إذ ليس المقصود قدما معنية ولا عددا من الأقدام، فإنك تقول لجماعة يترددون في أمر: أراكم تقدمون رجلا وتؤخرون أخرى، تمثيلاً لحالهم بحال الشخص المتردد في المشي إلى الشيء.

وزيادة (بعد ثبوتها) مع أن الزلل لا يتصور إلا بعد الثبوت لتصوير اختلاف الحالين، وأنه انحطاط من حال سعادة إلى حال شقاء، ومن حال سلامة إلى حال محنة» (٣).

ويؤيد أن القدم في الآية النفس؛ قول مسروق: «إني أخاف أن أقيس فتزل قدم بعد ثبوتها» (٤).

[نتيجة الدراسة]

[تحصل من تلك الدراسة، صحة الأربعة وهي]

الوجه الأول: القدم المذكور.

ودل عليه قوله تعالى: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: ١١].وقوله تعالى: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن: ٤١]، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة كما أشار إليه الخليل.


(١) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ٧/ ٢٣٠١.
(٢) جامع البيان ١٤/ ٢٠٦. معالم التنزيل ص ٧١٩. الكشاف ٢/ ٥٩٠. المحرر الوجيز ٣/ ٤١٩. الجامع لأحكام القرآن
١٠/ ١١٣.
(٣) التحرير والتنوير ١٣/ ٢١٦، وممن أشار إلى التمثيل أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٣٦٩، وابن جرير في جامع البيان
١٤/ ٢٠٦.
(٤) تاريخ مدينة دمشق لأبي القاسم ابن هبة الله ٥٧/ ٤١٥.

<<  <   >  >>