للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم أقف على من فسر الأذى بشدة المطر (١)، فيكون الأذى بالمطر بحدود ما يتأذى منه الإنسان في حال الحرب؛ وبهذا يعود هذا المثال إلى الوجه العاشر.

الوجه الخامس: القذف بالغيب.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: ٦٩].

ويشهد له حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده؛ فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدَرُ (٢)؛ فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر؛ ففر الحجر بثوبه فخرج موسى في إثره يقول: ثوبي يا حجر؛ حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى؛ فقالوا: والله ما بموسى من بأس. وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا؛ فقال أبو هريرة والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر» (٣).

وقال به من السلف: ابن عباس، وابن زيد، سعيد بن جبير (٤).

ومن المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي،


(١) قد يكون مراد ابن الجوزي بهذا الوجه سبب نزول لهذه الآية ذكره السمرقندي في تفسير السمرقندي ١/ ٣٥٩ وهو يدور حول قصة الأعرابي الذي اخترط سيف النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال من يمنعك مني .. ، وفيه «كان في غزوة أنمار فهزمهم وسبى ذريتهم فلما رجعوا أصابهم المطر فنزلوا واديا تحت الأشجار»، وذكره قريبا من هذا النحو القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٥/ ٢٣٩، وأشار محقق كتاب السمرقندي إلى تعدد الروايات عن جابر في صلاة الخوف، والحاصل أن الرواية المحفوظة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الأعرابي عند البخاري ومسلم وغيرهما من حديث جابر أنهم كانوا في شدة من الحر؛ ينظر: صحيح البخاري ٤/ ١٥١٥. ومسلم ١/ ٥٧٦. والنسائي في السنن ٥/ ٢٣٦ وترجم له فقال: النزول عند إدراك القائلة سنن سعيد بن منصور ٢/ ٢٣٨. مسند أحمد ٣/ ٣١١. صحيح ابن حبان ٧/ ٢٨٨٣ .. مسند عبد بن حميد ١/ ٣٣٠. مسند أبي يعلى ٣/ ٣١٢. نصب الراية للزيلعي ٢/ ٢٤٧. مجمع الزوائد للهيثمي ٩/ ٧. وعليه فلا يصح سبب النزول.
(٢) هو تضخم وانفتاق في إحدى الأُنثيين.
(٣) أخرجه البخاري (كتاب الغسل، باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل ١/ ١٠٧، برقم ٢٧٤).
(٤) جامع البيان ٢٢/ ٦٤.

<<  <   >  >>