للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه في حيز واحد وحال متماثلة، ولكن هذا التفضيل بحسب معتقد البشر، وما يعطيهم النظر في الشاهد من أن الإعادة في كثير من الأشياء أهون علينا من البداءة»، وقال السعدي:

«{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: ٢٧]. من ابتداء خلقهم وهذا بالنسبة إلى الأذهان والعقول فإذا كان قادرا على الابتداء الذي تقرون به كانت قدرته على الإعادة التي هي أهون أولى وأولى» (١).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآيتين، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة؛ قال الراغب الأصفهاني: «ويقال: هان الأمر على فلان: سهل. قال الله تعالى: {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} [مريم: ٩]، {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: ٢٧]، {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: ١٥]» (٢). والراغب لم يفرق بين هذه الآيات؛ فجميعها بمعنى السهولة.

الوجه الثالث: الذل.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: ١٨].

ومعنى كلام ابن عباس يدل عليه؛ فقال: «إن من تهاون بعبادة الله صار إلى النار» (٣).

ومعنى كلام المفسرين يدل عليه ومنهم: الفرَّاء، وابن جرير، والبغوي، والزَّمخشري والقرطبي، وأبو حيَّان. (٤).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه أصل اللفظ في اللغة؛ قال ابن فارس: «الهاء والواو والنون أُصَيْلٌ يدلُّ على سكون أو سكينة أو ذلّ» (٥).

الوجه الرابع: الضعف.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [المرسلات: ٢٠].


(١) المحرر الوجيز ٤/ ٣٣٥. تيسير الكريم الرحمن ٦٤٠.
(٢) مفردات ألفاظ القرآن ص ٨٤٨.
(٣) ذكره عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٢/ ١٨.
(٤) معاني القرآن للفراء ٢/ ٢١٩. جامع البيان ١٧/ ١٦٧. معالم التنزيل ص ٨٦١. الكشاف ٣/ ١٥٠.الجامع لأحكام القرآن ١٢/ ١٨. البحر المحيط ٤/ ٤٩٥.
(٥) مقاييس اللغة ص ١٠١٩.

<<  <   >  >>