للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: دراسة وجوه كلمة المكان]

[باب المكان]

قال ابن الجوزي:

«قال بعض العلماء: المكان عبارة عن منتهى الجسم الذي يحيط به من جوانبه ويتحرك نحوه ويسكن إليه. وقال غيره: المكان عبارة عن موضع الاستقرار. والمكن: بيض الضب، وهي ضبة مكون. ومكن الضباب: طعام الأعراب، ولا تشتهيه نفوس الأعاجم. قال الراجز:

وَمكن الضِباب طَعامُ العُرَيبِ ... وَلا تَشتَهيهِ نُفوس العَجَم (١)

وأنشدوا:

إنكَ لو ذُقْتَ الكُشَى بالأكْبَادْ ... لما تَركتَ الضَّبَ يَعْدو بالوادْ (٢)

والكُشى: شحم الضب.

قال أبو عبيد: المكنات: بيض الضباب، واحدها مكنة. وأما مكنات الطير، فهو على معنى الاستعارة، ويقال: المكِنات أيضاً - بكسر الكاف. وإنما المكن للضباب، ومنه: (أقروا الطير على مكناتها) (٣).

[وذكر بعض المفسرين أن المكان في القرآن على وجهين]

أحدهما: الموضع. ومنه قوله تعالى في هود: {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} [هود: ٩٣]، أي: على مواضعكم.

والثاني: الصنيع. ومنه قوله تعالى في يوسف: {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: ٧٧].

أي: صنيعاً» (٤).


(١) البيت لأبي الهندي عبد المؤمن بن عبد القدوس، في اللسان (مكن).
(٢) البيت لبعض الأعراب كما ذكره ابن قتيبة في أدب الكاتب ١٦٨. وهو في الحيوان للجاحظ ٦/ ١٠٠. ومعناه كما قال ابن قتيبة: لو عرفت طعمها مع الأكباد لصدت الضب ولم تتركه؛ وذكر عبد السلام هارون في تحقيقه لكتاب للحيوان أن هذا البيت عارض فيه صاحبه أبا الهندي في بيته المذكور قبل.
(٣) أخرجه أبو داود ٣/ ١٠٥ برقم ٢٨٣٥. وأحمد ٦/ ٣٨١. وابن حبان ١٣/ ٤٩٥ برقم ٦١٢٦. والحاكم في المستدرك
٤/ ٢٦٥ برقم ٧٥٩١ وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وهو من حديث أم كرز.
(٤) نزهة الأعين النواظر ص ٥٤٢.

<<  <   >  >>