مثل هذا الكتاب مثل مواد كتب الوجوه والنظائر الأخرى، من حيث إيراده للفظ ثم ذكر وجوهه، وبعد ذلك يذكر الآية أو الآيات الدالة على كل وجه. غير أنه لم يسبقه غيره إلى تقديم مقدمة لغوية لكل باب قبل عرضه للوجوه.
طريقته في عرض الكتاب وترتيبه:
[طريقته في عرض الكتاب]
الناظر في كتاب (نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر) يلاحظ أن ابن الجوزي نهج فيه منهجاً دقيقاً محدداً، فهو يذكر اللفظ من القرآن الكريم، فيبدأ بشرح معناه عموماً كما ورد في المعاجم اللغوية وغالباً ماينقل عن ابن فارس، ثم يحيل على المفسرين بذكر الوجوه في اللفظ، فيذكر مثالاً من القرآن للوجه الواحد، وربما أورد مثالين أو ثلاثة، لايتجاوزها، وطريقته على هذا النحو:
قال رحمه الله:
باب أخلد
أخْلَدَ: على وزن أفعلَ، وهو بمعنى الاعتماد على الشئ والميل إليه. قال أبو الحسين ابن فارس (١) اللغوي: يقال أخْلَدَ: إذا أقام. ومثله: خَلَدَ، ومنه: جنة الخلد. وأخلد إلى الأرض لصق بها. والَخَلَدَ: البال. والخِلَدَةُ: القرط. وجاء في التفسير قوله تعالى:
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ}[الإنسان: ١٩] مُقرَّطون، ويقال: إنه من الخلد، وذكر أهل التفسير أن أخلد في القران على وجهين:
أحدهما: بمعنى الميل. ومنه قوله تعالى في الأعراف:{وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ}[الأعراف: ١٧٦].
والثاني: بمعنى التخليد. ومنه قوله تعالى في الهمزة:{يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ}[الهمزة: ٣]، أي خلَّده من الخلود.
(١) وابن فارس: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء بن محمد بن حبيب الرازي اللغوي كان إماما في علوم شتى وخصوصا اللغة فإنه أتقنها وألف كتابه المجمل في اللغة وهو على اختصاره جمع شيئا كثيرا وله كتاب حلية الفقهاء وله رسائل أنيقة ومسائل في اللغة كان شافعيا ثم صار مالكيا آخر عمره وله مصنفات كثيرة توفي سنة ٣٩٥ وقيل ٣٩٦ هـ. (وفيات الأعيان ١/ ١١٨. البلغة ٦١).