للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية الثانية: قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: ١٩٩].

وقال به من السلف: ابن عباس، والسُّدي، والضحاك (١)، والكلبي (٢).

وذكره من المفسرين: البغوي، والزَّمخشري، وابن جرير، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان، وابن كثير (٣).

وللسلف في الآية قول آخر وهو: أخذ العفو من أخلاق الناس.

ويشهد له حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، فنزل على بن أخيه الحر بن قيس بن حصن، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر، ومشاورته كهولاً كانوا أو شبانا؛ فقال عيينة لابن أخيه: يا بن أخي: هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟.قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس: فأستأذن لعيينة، فلما دخل قال: يا بن الخطاب، والله ماتعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همَّ بأن يقع به، فقال الحُرُّ: يا أمير المؤمنين: إن الله تعالى قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله» (٤).

وقال به من السلف: عائشة (٥)، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير (٦)، وعروة، ومجاهد، وابن زيد، والشعبي (٧).

ومن المفسرين: البغوي، والزَّمخشري، وابن جرير، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان، وابن كثير (٨).

وقد رد الوجه الذي ذكره ابن الجوزي في معنى الآية ابن جرير فقال:» قال أبو جعفر وأولى هذه الأقوال بالصواب، قول من قال معناه خذ العفو من أخلاق الناس، واترك الغلظة عليهم وقال أُمر بذلك نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في المشركين.

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب؛ لأن الله جل ثناؤه اتبع ذلك تعليمه نبيه - صلى الله عليه وسلم - محاجته المشركين في الكلام، وذلك قوله: {قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ}، وعقبه بقوله: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} [الأعراف: ٢٠٢]، فما بين ذلك بأن يكون من تأديبه نبيه - صلى الله عليه وسلم - في عشرتهم به أشبه وأولى من الاعتراض بأمره بأخذ الصدقة من المسلمين «. (٩)


(١) جامع البيان ٩/ ١٩٠.
(٢) ذكره عنه البغوي ص ٥٠٧.
(٣) معالم التنزيل ص ٥٠٧. الكشاف ٢/ ١٧٩. جامع البيان ٩/ ١٩٠. المحرر الوجيز ٢/ ٤٩٠. الجامع لأحكام القرآن
٧/ ٢١٨. البحر المحيط ٥/ ٢٥٤. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٢٥٥.
(٤) أخرجه البخاري (كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بأفعال النبي ... - صلى الله عليه وسلم -، ٦/ ٢٦٥٧، برقم ٦٨٥٦).
(٥) ذكره عنها ابن كثير في تفسير القرآن العظيم ٣/ ٢٥٥.
(٦) عبد الله ابن الزبير بن العوام الأسدي أبو خبيب مضمومة المكي ثم المدني أول مولود في الإسلام وفارس قريش له ثلاثة وثلاثون حديثا قتل بمكة سنة ٧٣ هـ (التقريب ٣٠٣. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١٩٧).
(٧) جامع البيان ٩/ ١٩٠، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ٥/ ١٦٣٧.
(٨) معالم التنزيل ص ٥٠٧. الكشاف ٢/ ١٧٩. جامع البيان ٩/ ١٩٠. المحرر الوجيز ٢/ ٤٩٠. الجامع لأحكام القرآن
٧/ ٢١٨. البحر المحيط ٥/ ٢٥٤. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٢٥٥.
(٩) جامع البيان ٩/ ١٩٠.

<<  <   >  >>