للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية الثانية: قوله تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات: ٥٠].

وقال به من المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (١).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة؛ قال ابن فارس: «وَالحديثُ مِنْ هذا، لأنّه كلامٌ يحْدُثُ منه الشيءُ بعدَ الشيء» (٢)، وقال الراغب الأصفهاني: «وكلُّ كلامٍ يبلغُ الإنسانَ من جهةِ السَّمعِ أو الوحي في يقظته أو منامه يقال له: حديث .. وسمى تعالى كتابه حديثا فقال: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [الطور: ٣٤]» (٣).

الوجه الثاني: القصص.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا} [في الزمر: ٢٣].

ولم أقف على هذا القول في معنى الآية، غير أنني وجدت في سبب نزول سورة يوسف، ما أورده ابن الجوزي في زاد المسير: عن سعد بن أبي وقاص قال أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاه عليهم زمانا فقالوا يا رسول الله لو قصصت علينا فأنزل الله تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} [يوسف: ١] إلى قوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: ٣]، فتلاه عليهم زمانا؛ فقالوا يا رسول الله لوحدثتنا، فأنزل الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا} [في الزمر: ٢٣]» (٤).

فلعل ابن الجوزي رحمه الله أخذ هذامن سبب النزول، فنزَّل القصص منزل الحديث.


(١) جامع البيان ٢٩/ ٢٩٨. معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٢٦٩. معالم التنزيل ١٣٧٥. الكشاف ٤/ ٦٨٣. المحرر الوجيز ٥/ ٤٢٢. الجامع لأحكام القرآن ١٩/ ١١٠. البحر المحيط ١٠/ ٣٨٠. تفسير القرآن العظيم ٦/ ٣٧٢.
(٢) مقاييس اللغة ص ٢٣٥.
(٣) مفردات ألفاظ القرآن ص ٢٢٢، بتصرف.
(٤) زاد المسير ص ٦٧٩. وهذه الرواية عند الطبري في جامع البيان ١٢/ ١٨٧، والحاكم في المستدرك ٢/ ٣٤٥ وصححه، وخرجه السيوطي في الدر ٤/ ٤٤٣، ونسبه إلى إسحاق بن راهويه، والبزار، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وصححه الألباني برقم ٣٧٦ من صحيح ابن حبان.

<<  <   >  >>