للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه الأصل اللغوي للفظ؛ قال ابن فارس: «دبّ: الدال والباء أصلٌ واحد صحيح مُنقاس، وهو حركةٌ على الأرض أخفُّ من المشْي. تقول: دَبَّ دَبِيباً، وكلُّ ما مَشى على الأرض فهو دابّة» (١).

وقال الراغب الأصفهاني: «الدَّبُّ والدَّبيب: مشي خفيف، ويستعمل ذلك في الحيوان .. والدابة يستعمل في كل حيوان». (٢)

الوجه الثاني: الأرَضَة.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ} [سبأ: ١٤].

وبه قال من السلف: ابن مسعود (٣)، وابن عباس، ومجاهد (٤).

ومن المفسرين: ابن جرير، والنَّحاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان، وابن كثير (٥).

ويتبين مما تقدم صحة الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير بالمثال، فيكون مثالاً لعمومِ كل مادبّ على الأرض فيقترب بهذا من الوجه الأول، غير أن السياق هنا يحدد دابة مقصودة بعينها (دابة الأرض) وهي الأرضة كما قال بها السلف.

الوجه الثالث: الدابة الخارجة في آخر الزمان.

ومثل ابن الجوزي له بقوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: ٨٢].

ويشهد له ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - عليه السلام -: «ثم بادروا بالأعمال ستا، طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان أوالدجال، أو الدابة .. الحديث» (٦).


(١) مقاييس اللغة ص ٣٣١.
(٢) مفردات ألفاظ القرآن ص ٣٠٧.
(٣) ذكره عنه النَّحاس في معاني القرآن ٥/ ٤٠٢.
(٤) جامع البيان ٢٢/ ٩١.
(٥) جامع البيان ٢٢/ ٩١. معاني القرآن للنحاس ٥/ ٤٠٢. معالم التنزيل ١٠٥٩. الكشاف ٣/ ٥٨٣. المحرر الوجيز ٤/ ٤١١. البحر المحيط ٨/ ٥٣٠ الجامع لأحكام القرآن ١٤/ ١٧٨. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥/ ٢٤٧.
(٦) أخرجه مسلم ٤/ ٢٢٦٧ برقم ٢٩٦٤. ومسلم: ابن الحجاج بن مسلم القشيري أبو الحسين النيسابوري الحافظ أحد الأئمة الأعلام مات ٢٦١ هـ (تقريب التهذيب ٥٢٩. خلاصة تذهيب تهذيب ٣٧٥).

<<  <   >  >>