للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: المنع.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥].

واتفق السلف على معنى المنع في الآية، ثم اختلفوا في تحديد الممنوع:

فقال قتادة، وأبو مليكة: «محجوبون عن كرامته». (١)

وقال الحسن (٢)، وتبعه مالك، والشافعي: «محجوبون عن رؤية ربهم»، وعلى هذا عامة المفسرين. (٣)

قال ابن جرير في الجمع بين قولي السلف: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يقال إن الله تعالى ذكره، أخبر عن هؤلاء القوم أنهم عن رؤيته محجوبون، ويحتمل أن يكون مرادا به الحجاب عن كرامته، وأن يكون مرادا به الحجاب عن ذلك كله، ولا دلالة في الآية تدل على أنه مراد بذلك الحجاب عن معنى منه دون معنى، ولا خبربه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قامت حجته.

فالصواب؛ أن يقال: هم محجوبون عن رؤيته، وعن كرامته؛ إذ كان الخبر عاما لا دلالة على خصوصه». (٤)

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية ومأخذه الأصل اللغوي للفظ، قال ابن فارس: «الحاء والجيم والباء أصلٌ واحد، وهو المنع. يقال: حجبتُهُ عن كذا، أي منَعتُه» (٥).


(١) جامع البيان ٣٠/ ١٢٥. وأبو مليكة: زهير بن عبد الله بن جدعان أبو مليكة التميمي من رهط الصديق قال بن شاهين له صحبة ووقع في صحيح البخاري من طريق بن أبي مليكة عن جده عن أبي بكر قال بن عبد البر لجد بن أبي مليكة صحبة وأبوه (الاستيعاب ٤/ ١٧٦١. الإصابة ٢/ ٥٧٥).
(٢) جامع البيان ٣٠/ ١٢٥.
(٣) ذكره عنهما البغوي في معالم التنزيل ص ١٣٩٠.ومالك: مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحرث الأصبحي أبو عبد الله المدني أحد أعلام الإسلام وإمام دار الهجرة قال الشافعي: مالك حجة الله تعالى على خلقه وقال ابن المديني له نحو ألف حديث ولد مالك سنة ٩٣ هـ وحمل به ثلاث سنين وتوفي ١٧٩ هـ ودفن بالبقيع (تقريب التهذيب ٥١٦. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٣٦٦).
(٤) جامع البيان ٣٠/ ١٢٥.
(٥) مقاببس اللغة ص ٢٨٠.

<<  <   >  >>