والثاني: الاستقرار. ومنه قوله تعالى في هود:{وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ}[هود: ٤٤].
والثالث: الركوب. ومنه قوله تعالى في المؤمنين:{فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْك}[المؤمنين: ٢٨]، وفي الزخرف:{ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ}[الزخرف: ١٣].
والرابع: القوة والشدة. ومنه قوله تعالى في القصص:{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى}[القصص: ١٤]، أي: قوي واشتد.
والخامس: التشابه. ومنه قوله تعالى في الأنعام:{هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[الأنعام: ٥٠]، وفي فاطر:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[فاطر: ١٩]، وفي حم المؤمن:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[غافر: ٥٨].
والسادس: العلو. ومنه قوله تعالى في طه {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥]» (١).
[دراسة الوجوه التي ذكرها ابن الجوزي]
الوجه الأول: العمد والقصد.
ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ}[فصلت: ١١].
وقال به من المفسرين: الزَّجَّاج، والبغوي، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان.
تنبيه:
قال ابن عثيمين في تفسيره في قوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٩]: قوله تعالى: (ثم) أي بعد أن خلق لنا ما في الأرض جميعاً {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} أي علا إلى السماء؛ هذا ما فسرها به ابن جرير. رحمه الله؛ وقيل: أي قصد إليها؛ وهذا ما اختاره ابن كثير. رحمه الله؛ فللعلماء في تفسير {اسْتَوَى إِلَى} قولان: الأول: أن الاستواء هنا بمعنى القصد؛ وإذا كان القصد تاماً قيل: استوى؛ لأن الاستواء كله يدل على الكمال، كما قال تعالى:{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى}[القصص: ١٤]، أي كمل؛ فمن نظر إلى أن هذا الفعل عُدّي بـ (إلى) قال: إن (استوى) هنا ضُمِّن معنى قصد؛