للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«من قرأ القرآن لا يرد إلى أرذل العمر». وهذا ضعيف من وجهين: أحدهما: أن الاستثناء عام في المؤمنين قارئهم وأميهم.

وأنه لا دليل على ما ادعوه وهذا لا يعلم بالحس ولا خبر يجب التسليم له يقتضيه والله أعلم. التاسع: أنه سبحانه ذكر نعمته على الإنسان بخلقه في أحسن تقويم، وهذه النعمة توجب عليه أن يشكرها بالإيمان وعبادته وحده لا شريك له، فينقله حينئذ من هذه الدار إلى أعلى عليين، فإذالم يؤمن به وأشرك به وعصى رسله، نقله منها إلى أسفل سافلين، وبدله بعد هذه الصورة التي هي في أحسن تقويم، صورة من أقبح الصور في أسفل سافلين فتلك نعمته عليه وهذا عدله فيه، وعقوبته على كفران نعمته.

العاشر: أن نظير هذه الآية قوله تعالى {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [الانشقاق: ٢٤، ٢٥] فبشرهم بعذاب أليم إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون فالعذاب الأليم هو أسفل سافلين والمستثنون هنا هم المستثنون هناك والأجر غير الممنون هناك هو المذكور هنا والله أعلم» (١).

ويتبين مما تقدم أن المعنى الصحيح في هذه الآية هو: الرد إلى النار في أقبح صورة إن لم يؤمن.

ويكون الوجه الثالث: رد الكافر إلى النار إن لم يؤمن ويدل عليه قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: ٥]. ومأخذه السياق القرآني، وبالتحديد استثناء المؤمن فيها كما بينه ابن كثير وابن القيم.

[نتيجة الدراسة]

تحصل من تلك الدراسة صحة الوجوه عدداً، وتغيير في تحديد المراد في ثناياها:

فالوجه الأول: الانحطاط في المكان. ودل عليه قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥]. وقوله تعالى: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفال: ٤٢]. ومأخذه أصل الكلمة في اللغة، كما أشار إليه ابن فارس.


(١) التبيان في أقسام القرآن ١٩.

<<  <   >  >>