للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه:

من عرض أقوال المفسرين يتبين قرب الأجر والشرط والعهد من بعض غير أن السبب المباشر في تفسير الآية بالشرط هنا هو قول الفقهاء؛ قال ابن قدامة:

«على ليست حرف شرط ولا مقابله، لهذا لا يصح أن تقول بعتك ثوبي على ألف .. أجريت مجرى الشرط والجزاء بدليل قوله تعالى في قصة شعيب: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: ٢٧]» (١).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه العمل الشرعي.

الوجه الثالث: بمعنى الضمان والالتزام.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: ٩].

ومعنى كلام السلف يدل عليه؛ كقول ابن عباس: «أن يبين الهدى والضلالة»، ونحوه عن مجاهد، وقتادة، والضحاك (٢).

وتبع المفسرون السلف في هذا ومنهم: الفرَّاء، وابن جرير، والنَّحَّاس، والبغوي، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٣).

قال ابن القيم: «في أداة على سر لطيف، وهو الإشعار بكون السالك على هذا الصراط على هدى وهو حق .. والله عز وجل هو الحق، وصراطه حق ودينه حق؛ فمن استقام على صراطه فهو على الحق والهدى، فكان في أداة على، على هذا المعنى ما ليس في أداة إلى فتأمله فإنه سر بديع.

فإن قلت فما الفائدة في ذكر على في ذلك أيضا وكيف يكون المؤمن مستعليا على الحق وعلى الهدى؟ قلت: لما فيه من استعلائه وعلوه بالحق والهدى مع ثباته عليه، واستقامته إليه فكان في


(١) الكافي في فقه ابن حنبل ٣/ ١٤٨، وللاستزادة ينظر: أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي ٣/ ٥٠٠، وبدائع الصنائع ٤/ ١٧٣، والمغني ٧/ ٢٦٦.
(٢) جامع البيان ١٤/ ١٠٧.
(٣) معاني القرآن للفراء ٢/ ٩٧. جامع البيان ١٤/ ١٠٧. معاني القرآن للنحاس ٤/ ٥٧. معالم التنزيل ص ٧٠٦. المحرر الوجيز ٣/ ٣٨١. الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٥٤. البحر المحيط ٦/ ٥٠٩. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٣٤.

<<  <   >  >>