للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية الثانية: قوله تعالى: {هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} [الزمر: ٣٨].

وقال به من المفسرين: السمرقندي، وأبو السعود، والسعدي (١).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى هذه الآية، ومأخذه تفسير الشيء بلازمه لأن من لوازم الإمساك المنع، ويجوز أن يكون مأخذه المعنى المشهور للفظ في للغة؛ قال الراغب الأصفهاني: «يقال أمسكت عنه كذا أي منعته، قال: {هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} [الزمر: ٣٨]» (٢).

الوجه السادس: الأخذ.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: ٢٥٦]، وقال به من المفسرين: مقاتل بن سليمان (٣).

ويشهد له حديث قيس بن عباد قال كنت جالسا في مسجد المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة فصلى ركعتين تجوز فيهما، ثم خرج وتبعته فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة؛ قال والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم، وسأحدثك لم ذاك؛ رأيت رؤيا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها، وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء؛ في أعلاه عروة فقيل لي ارقه؛ قلت: لا أستطيع فأتاني منصف (٤) فرفع ثيابي من خلفي؛ فرقيت حتى كنت في أعلاها؛ فأخذت بالعروة، فقيل لي: استمسك؛ فاستيقظت وإنها لفي يدي فقصصتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تلك الروضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام، وتلك العروة عروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت». وذاك الرجل عبد الله بن سلام (٥).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه تفسير الشيء بلازمه لأن من لوازم الإمساك الأخذ، ويجوز أن يكون مأخذه تفسير الشيء بما يقاربه لما بين الإمساك والأخذ من التقارب، ويجوز أن يكون مأخذه السياق القرآني.

الوجه السابع: العمل.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الزخرف: ٤٣].

وقال به من المفسرين: السمرقندي، والزَّمخشري، والسعدي (٦).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه تفسير الشيء بلازمه لأن من لوازم الاستمساك العمل.


(١) تفسير السمرقندي ٣/ ١٧٩. إرشاد العقل السليم ٧/ ٢٥٦. تيسير الكريم الرحمن ص ٧٢٥.
(٢) مفردات ألفاظ القرآن ص ٧٦٨.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٢١٤.
(٤) يقال نصفت الرجل نصافة إذا خدمته. (النهاية في غريب الأثر ٥/ ٦٥)
(٥) أخرجه البخاري (كتاب المناقب، باب مناقب عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - ٣/ ١٣٨٧، برقم ٣٦٠٢).
(٦) تفسير السمرقندي ٣/ ٢٤٦. الكشاف ٤/ ٢٥٧. تيسير الكريم الرحمن ص ٧٦٦.

<<  <   >  >>