للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللسلف في الآية قول آخر وهو: أن الفرقان هنا، بمعنى الفصل بين الحق والباطل، وقال به ابن عباس، وأبو العالية، ومجاهد (١)، والربيع (٢).

قال ابن جرير في ترجيحه القول الثاني على الأول من أقوال السلف اعتباراً بالسياق: «قال أبو جعفر: وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية، ما روي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد من أن الفرقان الذي ذكر الله أنه آتاه موسى، في هذا الموضع، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل، وهو نعتٌ للتوراة وصفةٌ لها، فيكون تأويل الآية حينئذ، (وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح وفرقنا بها بين الحق والباطل)، فيكون الكتاب نعتا للتوراة أقيم مقامها استغناء به عن ذكر التوراة، ثم عطف عليه بالفرقان إذ كان من نعتها، وقد بينا معنى الكتاب فيما مضى من كتابنا هذا وأنه بمعنى المكتوب، وإنما قلنا هذا التأويل أولى بالآية - وإن كان محتملا غيره من التأويل - لأن الذي قبله ذكر الكتاب، وأن معنى الفرقان الفصل، وقد دللنا على ذلك فيما مضى من كتابنا هذا، فإلحاقه إذ كان كذلك بصفة ماوليه، أولى من إلحاقه بصفة ما بعُد منه» (٣).

وما دام أن للوجه الذي بين أيدينا وجهاً صحيحاً من التفسير، فيكون المعنيان صحيحين وتحمل الآية عليهما.

الآية الثانية: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ} [الأنفال: ٤١].

وقال به من السلف: علي بن أبي طالب، وابن عباس، ومجاهد، وعروة بن الزبير، وابن مقسم، وقتادة (٤).

ومن المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيَّان، وابن كثير (٥).


(١) جامع البيان ١/ ٣٧٤.
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ١/ ١٠٩.
(٣) جامع البيان ١/ ٣٧٥.
(٤) جامع البيان ١٠/ ١٤.
(٥) جامع البيان ١٠/ ١٤. معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٤١٦. معالم التنزيل ٥٢٨. الكشاف ٢/ ٢١١. المحرر الوجيز ٢/ ٥٣٢. الجامع لأحكام القرآن ٨/ ١٥. البحر المحيط ٥/ ٣٢٦. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ٣١٥.

<<  <   >  >>