للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشوكاني: الواو للحال (١).

والقول الثاني هو الراجح لأن الخلاف دائر بين زيادة الواو للتوكيد وبين تأسيس معنى جديد؛ فيقدم التأسيس على التوكيد؛ قال أبو البقاء: «فصل: ولا تزاد الواو عند أكثر البصريين لوجهين: أحدهما: أن الحروف وضعت للاقتصار أو عوضا عن ذكر الجمل كالهمزة فإنها بدل عن أستفهم، أو أسأل، وما بدل عن أنفي، فزيادتها تنقض هذا الغرض. والثاني: أن الحروف وضعت للمعاني، فذكرها دون معناها يوجب اللبس وخلوها عن المعنى وهو خلاف الأصل» (٢). وقال ابن تيمية: «فليس في القرآن من هذا شيء ولا يذكر فيه لفظ زائدا إلا لمعنى زائد، وإن كان في ضمن ذلك التوكيد .. وما يجيء من زيادة اللفظ فالمعنى معه أزيد من المعنى بدونه فزيادة اللفظ لزيادة المعنى وقوة اللفظ لقوة المعنى» (٣)

وبهذا ينقل مسمى هذا الوجه إلى: الحال.

الوجه الخامس: بمعنى " إذ ".

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: ١٥٤].

وأجاز كونها للحال وبمعنى إذ: مكي بن أبي طالب فقال: وهذه الواو قيل هي واو الابتداء وقيل واو الحال وقيل هي بمعنى إذ، وقال أبو البقاء: «وتسمى هذه الواو واو الحال وقيل الواو بمعنى إذ وليس بشيء» (٤).

واستجلى ابن هشام هذا القضية؛ فقال: «والثانية واو الحال الداخلة على الجملة الاسمية نحو جاء زيد والشمس، ويقدرها سيبويه (٥) والأقدمون بإذ، ولا يريدون أنها بمعناها، إذ لا يرادف الحرفُ الاسمَ، بل إنها وما بعدها قيد للفعل السابق؛ كما أن إذ كذلك ولم يقدرها بإذا لأنها لا تدخل على الجمل الاسمية.


(١) البحر المحيط ٦/ ٤٦٦. المحرر الوجيز ٣/ ٣٥٠. التبيان في إعراب القرآن ٢/ ٧٧٧؛ وأحال على ص ١/ ١٧٣. فتح القدير ص ٨٨٨.
(٢) اللباب في علل البناء والإعراب ١/ ٤١٩.
(٣) الفتاوى ١٦/ ٥٣٧ بتصرف.
(٤) مشكل إعراب القرآن ١/ ١٧٧. التبيان في إعراب القرآن ١/ ١٧٧.
(٥) هو: عمرو بن عثمان بن قنبر مولى بني الحارث بن كعب أبو بشر ويقال أبو الحسن، أخذ النحو عن الخليل ولازمه وقد تعلق من كل علم بسبب وضرب بسهم في كل أدب ومات سنة ١٨٠ هـ (سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٨١. البلغة ١٦٣).

<<  <   >  >>