ويتبين مما تقدم أن هذا الوجه ليس بينه وبين الوجه الأول فرق إذ إن المقصود في الآيتين واحد وهو النسمة، وقد تقدم لإيراد كلام بعض المفسرين على أية سورة محمد في الوجه الأول وأن المقصود النسمة وليس تحديد الرقبة فقط.
[نتيجة الدراسة]
تحصل مما تقدم أن هذا الباب غير داخل في علم الوجوه والنظائر، وبيان ذلك مايلي:
[الوجه الأول: العضو المعروف.]
ومثل ابن الجوزي لهذا الوجه بقوله تعالى:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} محمد: ٤]. وتقدمت الإشارة إلى أن المراد هنا جميع الإنسان وليس رقبته فقط وأن ذكر الرقبة هنا من باب التغليب وتم عرض كلام الزَّجَّاج والنَّحاس حيال هذا المعنى.
وأما الوجه الثاني: وهو جملة الإنسان ففي قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢]، قد تقدمت الإشارة إلى أن هذا هو المراد بالوجه الأول فلا فرق.
وبهذا لا يكون هذا الباب داخلاً في علم الوجوه والنظائر إذ المعنى في الآيتين واحد، والله أعلم.
[المطلب الثالث: دراسة وجوه كلمة الرقيب]
[باب الرقيب]
قال ابن الجوزي:
«الرَّقيب: فَعِيل من المراقبة، وهو اسم الفاعل. وتقول: رَقَبْت الشيءْ أرقبه، رِقبة، ورُقباناً: إذا انتظرته. والمَرْقَب: المكان العالي المشْرِف يقف عليه الرقيب. وتقول: أَرْقَبْتُ فلاناً هذه الدار، وهو أن تعطيه إياها فيسكنها. وتقول: إنْ مُتَّ قبلي رَجَعَتْ إلي، وإنْ متُّ قبلك فهي لك، فأُخذت من المراقبة، لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه (١).
[وذكر أهل التفسير أن الرقيب في القرآن على وجهين]
أحدهما: الحفيظ. ومنه قوله تعالى في سورة النساء:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النساء: ١]، وفي سورة المائدة:{كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}[المائدة:: ١١٧]، وفي ق {إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٨].
(١) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ٣٦٣. تهذيب اللغة (رقب). مقاييس اللغة ٣٩٦.