للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة كلا.]

[باب كلا]

قال ابن الجوزي:

«قال الأخفش (١) وابن قتيبة: معنى كلا الردع والزجر (٢)، وقال السجستاني (٣) تكون بمعنى " لا " أي ك لا يكون ذلك وهو رد للأول، كما قال العجاج:

قد طَلَبَتْ شَيْبانُ أَن تُصاكِمُوا ... كَلاَّ ولَمَّا تَصْطَفِقْ مآتِمُ (٤)

[وذكر المفسرون أنها في القرآن على وجهين]

أحدهما: بمعنى (لا). ومنه قوله تعالى في سورة مريم: {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: ٧٨، ٧٩]، أي: ليس الأمر على ما قال. وفيها:

{لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا} [مريم: ٨١، ٨٢]، وفي المؤمنين: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا} [المؤمنين: ١٠٠]، وفي الشعراء:

{فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قَالَ كَلَّا} [الشعراء: ١٤، ١٥]،

وفيها: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا} [الشعراء: ٦١، ٦٢]، وفي سبأ: {أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا} [سبأ: ٢٧]، وفي سأل سائل: {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ


(١) إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٤٢٢، والأخفش؛ هو: سعيد بن مسعدة المجاشعي الأخفش، مولى بني مجاشع بن دارم، من أهل بلخ سكن البصرة قرأ النحو على سيبويه، وكان معتزليا، ومن تصانيفه كتاب (الأوسط) وكان أبرع أصحاب سيبويه مات سنة ٢١٥ هـ (سير أعلام النبلاء ١٠/ ٢٠٦. البلغة ١٠٤).
(٢) تأويل مشكل القرآن ٢٥٩.
(٣) إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٤٢٢، والسجستاني: هو سهل بن محمد بن عثمان القاسم النحوي أبو حاتم السجستاني، إمام في النحو واللغة وعلوم القرآن والشعر ومصنفاته جليلة فاخرة ومنها (القراءات) وكان إمام جامع البصرة مات ٢٥٥ هـ (معجم الأدباء ٤/ ٣٢٢٢. سير أعلام النبلاء ١٢/ ٢٦٨).
(٤) لم أقف عليه في ديوانه وهو في لسان العرب (كلا)، ومعناه أن تلك القبيلة طلبت القتال والمضاربة ولايقع هذا حتى تجتمع معه المآتم الكثير لكثرة الموتى. والعجاج: هو عبد الله بن رؤبة، من بني مالك بن سعد بن زيد مناة ابن تميم، وكنيته أبو الشعثاء؛ وهي ابنته، ولقي أبا هريرة ة - رضي الله عنه - ومات زمن الوليد بن عبد الملك (الشعر والشعراء ٢/ ٥٩١. الإصابة ٥/ ٨٧).
وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ٨٥٠. شرح كلا وبلى ونعم ص ٢٦. ومغني اللبيب ١/ ١٨٨. ولسان العرب (كلا).

<<  <   >  >>