الوجه الحادي عشر: بمعنى السبب. ودل عليه قوله تعالى:{وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}[البقرة: ١٦٦].وتم التنبيه على تكرار الآية وأن فيها قولان للمفسرين، وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}[النحل: ١٠٠]، ومأخذه الاستعمال العربي؛ كما قال ابن فارس.
وأما الوجه الذي هو: بمعنى "مع ". ففي قوله تعالى:{فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ}[الذاريات: ٣٩]. فتقدم أنه داخل ضمن أمثلة المصاحبة؛ وتم نقل كلام الفخر الرازي في ذلك، وبهذا يعود إلى الوجه الذي هو المصاحبة.
[المطلب الثالث: دراسة وجوه كلمة القيام]
[باب القيام]
قال ابن الجوزي:
«الأصل في القيام: أنه انتصاب القامة من الآدمي وامتدادها إلى جهة العلو. والقَوْمَة: المرة الواحدة. وهذا قوام هذا، أي: الذي يقوم به. والقوام حسن الطول (١).
وذكر بعض المفسرين أن القيام في القرآن على اثني عشر وجهاً:
أحدها: القيام المعروف الذي هو انتصاب القامة. ومنه قوله تعالى في البقرة:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨]، وفي المزمل:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ}[المزمل: ٢٠].
والثاني: الأمن. ومنه قوله تعالى في المائدة:{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ}[المائدة: ٩٧]، أي: أمانا. وقيل قواماً لأمرهم.
والثالث: الإتمام. ومنه قوله تعالى في البقرة:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}[البقرة: ٤٣].
والرابع: العدل. ومنه قوله تعالى في الرعد:{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[الرعد: ٣٣].
(١) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٨٢٥. مقاييس اللغة ص ٨٣٩. المحكم والمحيط الأعظم ٦/ ٥٨٨.