للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة عن.]

[باب عن]

قال ابن الجوزي:

«قال أبو زكريا: معنى "عن" المجاوزة تقول: بلغني عنك كلام، أي: جاوزك إلى كلام. وانصرفت عن زيد، أي: جاوزته إلى غيره. وهي حرف ما لم يدخل عليها "من" فإذا دخلت عليها " من " كانت اسما لأن حرف الجر لا يدخل على مثله تقول: أخذته من عن يمينك.

قال الشاعر:

من عن يميني مرة وأمامي (١)

وقد تكون بمعنى "بعد" كقوله: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: ١٩]. وسادوك كابراً عن كابر. (٢)

[وذكر بعض المفسرين أنه في القرآن على أربعة أوجه]

أحدها: صلة في الكلام. ومنه قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: ١]

والثاني: بمعنى " الباء " ومنه قوله تعالى في هود: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: ٥٣]، وفي النجم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣].

والثالث: بمعنى "من". ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: ٢].

والرابع: بمعنى " على ". ومنه قوله تعالى: {مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد: ٣٨]». (٣)


(١) عجز بيت لقطري بن الفجاءة، وصدره: ولقد أراني للرماح دريئة، وهو في الإيضاح لعلوم البلاغة للقزويني ص ٨٠، وفي ديوان الحماسة للجرجاني ص ٣٥، وفي المثل السائر لأبي الفتح الموصلي ٢/ ٢٨٧.
(٢) وللاستزادة من اللغة: ينظر: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص ٢٩٨ و ٣٠٢، والصاحبي ص ١١٢، ومغني اللبيب ١/ ١٤٧، وحروف المعاني للزجاجي ص ٧٤.
(٣) نزهة الأعين النواظر ص ٤٣٨.

<<  <   >  >>