للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه:

في هذا الوجه والذي قبله ورد الإتيان منسوبا إلى الله تعالى، والمراد إتيان مكره وعذابه مقابل مكر الكفار، وأما صفة الإتيان لله سبحانه فمنصوص عليها في مواطن أخرى من كتابه العزيز؛ قال ابن تيمية: « ... وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته، وأنه لا ينزل قبل يوم القيامة لعقوبة أحد من خلقه، ولم يشكوا أنه ينزل يوم القيامة ليفصل بين عباده، ويحاسبهم ويثيبهم، وتشقق السموات يومئذ لنزوله، وتنزل لملائكة تنزيلا .. فلما لم يشك المسلمون أن الله لا ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة لشيء من أمور الدنيا علموا يقينا أن ما يأتي الناس من العقوبات إنما هو من أمره وعذابه؛ فقوله: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} [النحل: ٢٦]، يعني مكره من قبل قواعد بنيانهم فتفسير هذا الإتيان خرور السقف عليهم من فوقهم، وقوله: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} [الحشر: ٢]، مكر بهم وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، وهم بنو النضير فتفسير الإتيانين مقرون بهما» (١).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه السياق القرآني وهو ورود الرعب في الآية.

الوجه الخامس: الجماع.

[ومثل له ابن الجوزي بثلاث آيات]

الآية الأولى: قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣].

وشهد له حديث جابر رضي - رضي الله عنه - قال: «كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحولاً فنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣]» (٢).

وقال به من السلف: أبي بن كعب، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسُّدي (٣).

ومن المفسرين: الفرَّاء، وابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٤).


(١) درء التعارض ٢/ ٦٧. والفتاوى ٦/ ١٤.
(٢) أخرجه البخاري (كتاب التفسير، باب: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٢٣] ٤/ ١٦٤٥، برقم ٤٢٥٣)
(٣) جامع البيان ٢/ ٥١٩.
(٤) معاني القرآن للفراء ١/ ١٤٤٣. جامع البيان ٢/ ٥١٩. معاني القرآن وإعرابه ١/ ٢٩٨. معاني القرآن للنحاس ١/ ١٥٨. معالم التنزيل ١٧٢. الكشاف ١/ ٢٩٤. المحرر الوجيز ١/ ٢٩٩. الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٦١. البحر المحيط ٢/ ٤٢٥. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٥٢٢.

<<  <   >  >>