للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب عكرمة، وقتادة (١)، وابن جريج (٢)، إلى أن القائل هنا الكفار.

وتبع المفسرون السلف في الاتفاق على الوجه، والاختلاف في عود الضمير؛ غير أن جمهور المفسرين يرجحون عوده على الملائكة؛ قال ابن كثير بعد إيراده للقول الثاني: «وهذا القول وإن كان له مأخذ ووجه ولكنه بالنسبة إلى السياق بعيد لا سيما وقد نص الجمهور على خلافه» (٣).

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ابن الجوزي أمْيلُ إلى قول الجمهور، حيث اعتمده في تذكرة الأريب. (٤)

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآيتين، ومأخذه التفسير باللازم لأن كل محرم ممنوع، والمنع هو المعنى الأصلي للحجر في اللغة، قال ابن فارس: «حجر الحاء والجيم والراء أصلٌ واحد مطَّرد، وهو المنْع والإحاطة على الشيء». (٥)

[نتيجة الدراسة]

تحصل من تلك الدراسة صحة الوجوه الأربعة وهي:

الوجه الأول: العقل. ودل عليه قوله تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: ٥]، ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة كما نص عليه ابن فارس.

الوجه الثاني: قرية ثمود. ودل عليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} [الحجر: ٨٠].

ومأخذه المعنى المشهور للفظ في اللغة كما سبق تحريره والتدليل عليه من كلام الراغب الأصفهاني.

الوجه الثالث: الحاجز. ودل عليه قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: ٥٣]، ومأخذه التفسير باللازم، لأن من لوازم الحجر الحجز.

الوجه الرابع: الحرام. ودل عليه قوله تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: ١٣٨]. وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: ٢٢]، وتمت الإشارة إلى عود الضمير وأن الجمهور على عوده على الملائكة وإليه يميل ابن الجوزي، وأما مأخذ الوجه، فهو التفسير باللازم لأن كل محرم ممنوع، والمنع هو المعنى الأصلي للحجر في اللغة كما ذكره ابن فارس.


(١) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٧٧.
(٢) جامع البيان ١٩/ ٥.
(٣) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٤/ ٥٩٠.
(٤) تذكرة الأريب ٢/ ٣٢.
(٥) مقاييس اللغة ص ٢٧٨.

<<  <   >  >>