للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واختلف السلف في تحديد المراد بالقذر واتفقوا على أنه ما يؤذي الإنسان؛ ومنهم: ابن عباس، وقتادة، والسُّدي، ومجاهد (١).

ومن المفسرين: ابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان (٢).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه، ومأخذه أصل اللفظ في اللغة؛ قال ابن فارس: «الهمزة والذال والياء أصل واحد، وهو الشيء تتكرَّهُه ولا تَقِرُّ عليه، تقول: آذَيْتُ فلاناً أُوذِيهِ» (٣).

[نتيجة الدراسة]

[تحصل من تلك الدراسة صحة وجوه سبعة وهي]

الوجه الأول: العصيان. ودل عليه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [الأحزاب: ٥٧]، ومأخذه تفسير الشيء بسببه لأن من أسباب الأذى العصيان.

الوجه الثاني: المن. ودل عليه قوله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: ٢٦٣]، ومأخذه السياق القرآني.

الوجه الثالث: القمل. ودل عليه قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: ١٩٦]، وشهد له حديث كعب بن عُجْرَةَ - رضي الله عنه -، ومأخذه سبب النزول.

الوجه الرابع: القذف بالغيب. ودل عليه قوله تعالى: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: ٦٩]، وشهد له حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ومأخذه تفسير القرآن بالسنة.

الوجه الخامس: العذاب. ودل عليه قوله تعالى: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف: ١٢٩]، وقوله تعالى: {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: ١٠]، ومأخذه تفسير الشيء بسببه لأن من أسباب الأذى العذاب.

الوجه السادس: السب والتعيير. ودل عليه قوله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: ١٨٦]. وشهد


(١) جامع البيان ٢/ ٥٠٥. تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ٢/ ٤٠١.
(٢) جامع البيان ٥/ ١٠٥. معاني القرآن وإعرابه ١/ ٢٩٧. معاني القرآن للنحاس ١/ ١٨٢. معالم التنزيل ٢٩٨. الكشاف ١/ ٢٩٢. المحرر الوجيز ١/ ٢٩٨. الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٥٧. البحر المحيط ٢/ ٤٢٢.
(٣) مقاييس اللغة ص ٥١.

<<  <   >  >>