للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المفسرين: الفرَّاء، وابن جرير، والزَّجَّاج، والنَّحَّاس، والبغوي، والزَّمخشري، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (١).

ويتبين مما تقدم صحة هذا الوجه في معنى الآية، ومأخذه التفسير بالمثال، ويجوز أن يكون مأخذه تفسير النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الوجه الحادي عشر: إبراهيم الخليل عليه السلام.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ} وهذا مثل ضربه اللَّه تعالى لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: ٣٥].

وقال به من المفسرين: مقاتل بن سليمان، والسمرقندي، والسمعاني، والقرطبي (٢).

والقول بهذا الوجه منشؤه الاختلاف في عود الضمير في قوله تعالى {مَثَلُ نُورِهِ} فظاهر الآية أن الضمير عائد إلى الله تعالى، ومن السلف من جعله عائدا إلى (المؤمنين) وهو أبي بن كعب - رضي الله عنه - وابن جبير، والضحاك؛ وفي قراءة أبي (مثل نور المؤمنين) (٣)؛ ويكون تأويل المثل في الآية على هذا القول: فالمشكاة صدره، والمصباح الإيمان والعلم، والزَّجَّاجة قلبه، والشجرة القرآن، وزيتها هو الحجج والحكمة التي تضمنها.

ومن السلف من جعل الضمير عائدا إلى (محمد - صلى الله عليه وسلم -) وهما كعب الأحبار، وابن جبير، ويكون تأويل المثل في الآية على هذا القول مختلف فيه؛ فقيل: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المشكاة أو صدره، والمصباح هو النبوءة، وما يتصل بها من عمله وهداه، والزَّجَّاجة قلبه، والشجرة المباركة هي الوحي والملائكة رسل إليه وسببه المتصل به، والزيت هو الحجج والبراهين والآيات التي تضمنها الوحي،


(١) معاني القرآن للفراء ٣/ ٦٧. جامع البيان ٢٦/ ١٠٥. معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥. معاني القرآن للنحاس ٦/ ٥٠٦. معالم التنزيل ١٢٠٤. الكشاف ٤/ ٣٤٢. المحرر الوجيز ٥/ ١٣٤. الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ١٨١. البحر المحيط
٩/ ٤٩٢. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٥/ ٦٢٢.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ١٩٩. تفسير السمرقندي ٢/ ٥١٤. الجامع لأحكام القرآن ١٢/ ١٧٤.
(٣) لم أقف على من صحح القراءة بها، وأعلها السمين الحلبي من جهة اللغة حيث لا يوافق الضمير المفرد مع جمع المؤمنين
(الدر المصون ٥/ ٢١٩).

<<  <   >  >>