للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: الوديعة. ودل عليه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: ٨].

وهذان الوجهان بآياتهما من قبيل التفسير بالمثال، وقد تقدم عرض الأقوال الأخرى للسلف، وأن الوجه صحيح في المثال وإلا فالأمانة في الآيات شاملة لكل أمانة.

الوجه الثالث: العفة. ودل عليه قوله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: ٢٦]. ومأخذه السياق القرآني؛ لأن في الآيات دلالة على عفته - عليه السلام - في الأعراض، والأموال فلم يخن فيما اؤتمن عليه.

[المطلب السادس: دراسة وجوه كلمة أنى]

باب أنَّى:

قال ابن الجوزي:

«قال ابن قتيبة: أنَّى تكون لمعنيين:

أحدهما: بمعنى: كيف. والثاني بمعنى: من أين. والمعنيان متقاربان، يجوز أن يتأول في كل واحد منهما الآخر (١).

قال الكميت:

أنَّى ومن أين آبك الطَّرَبُ ... من حيث لا صبوة ولا ريب (٢)

فجاء بالمعنيين جميعاً (٣).

قال شيخنا علي بن عبيد اللَّه: أنَّى لفظ سؤالٍ يرد في كل مكان بحسب ما يقتضيه من زمانٍ، وحال، ومكان، فإذا وقع سؤالاً عن زمانٍ، كان بمعنى "متى". فإذا كان سؤالاً عن حال، كان بمعنى "كيف". فإذا كان سؤالاً عن مكانٍ، كان بمعنى "أين". (٤)


(١) تأويل مشكل القرآن ٢٨٠.
(٢) هو في العين ص ١٠٦، ومجاز القرآن ١/ ٩١. والكميت: بن زيد الأسدي أبو المستهل، وكان معلما، حبسه خالد بن عبد الله القسري مات سنة ١٢٦ هـ (طبقات فحول الشعراء ٢/ ٣١٨. الشعر والشعراء ٢/ ٥٨١).
(٣) تأويل مشكل القرآن ص ٢٨٠.
(٤) وللاستزادة من اللغة ينظر تهذيب اللغة ٨/ ٣٩٦، ولسان العرب (أنى) في آخر الكتاب مع الحروف اللينة.

<<  <   >  >>